وكذلك القرى التي بين السيل الكبير ومكة كالشرائع ونحوها فإن أهلها أيضاً يحرمون من أماكنهم، وهكذا أهل مكة يحرمون من مكة على ظاهر هذا الحديث، وهو:"حتى أهل مكة يحرمون من مكة".
وذهب بعض العلماء إلى أن أهل مكة يحرمون من مكة بالحج، وأما العمرة فإنهم يذهبون إلى أدنى الحل، فيحرمون منه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة أن تعتمر من التنعيم، ولم يرخص لها أن تعتمر من مكة، مع أنها في مكة، وهذا دليل على أن المعتمر يذهب من مكة إلى أدنى الحل، ويدخل فيها، حتى يجمع في العمرة بين وقوفه في الحل والحرم، كالحجاج من أهل مكة فإنهم يجمعون في وقوفهم بين الحل والحرم، فإنهم يقفون بعرفة وهي من الحل، ويقفون في المشاعر الأخرى وهي من الحرم.
* التنبيه الثالث:
من أتى مكة لا يريد الحج أو العمرة هل يلزمه الإحرام من المواقيت أم لا؟
أما من مر بالمواقيت السابقة قاصداً مكة ولم يكن في نيته أداء حج أو عمرة، فإنه لا يلزمه الإحرام، لكن إذا كان بعيد العهد بمكة فإنه يتأكد في حقه الإحرام، من غير أن يُلْزَمَ به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة".
فَشَرَط النبي صلى الله عليه وسلم أنها مواقيت لمن أراد الحج أو العمرة، وهذا دليل على أن من مر بها قاصداً مكة لتجارة أو لزيارة قريب أو صديق أو عابر سبيل فإنه يجوز له أن يتجاوزها، ولا يلزمه الإحرام، والله أعلم.
أنواع الأنساك وأفضلها
والنسك الذي أهل به النبي صلى الله عليه وسلم
إذا وصل الحاج إلى أحد المواقيت التي ذكرناها في أشهر الحج وهي: شوال، وذو القعدة، والعشر الأول من ذي الحجة، وكان مريداً للحج من عامه فإنه مخير بين ثلاثة أنساك:
الأول: العمرة وحدها: (ويسمى التمتع) :
وهو أن يحرم بالعمرة وحدها من الميقات في أشهر الحج.