فيسن أن يكون السائر إلى مزدلفة سائراً بتؤدة؛ سواء على الأرجل، أو على الدواب، أو على السيارات، وثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في سيره:"يا أيها الناس، السكينة السكينة". وكان يسير العَتَقْ، يعني: أنه قد جر خطام ناقته حتى التوى عنقها، فإذا وجد فجوة ومتسعاً نصَّ فأسرعت، وإذا أتت كثيباً من الرمال نصَّ حتى تصعده... وهكذا.
أما الآن فإنه لا شك أن الطرق قد سُهلت، والكل يسير على هذه السيارات، لكن يحدث مزاحمات من كثير من قائدي السيارات فيضرون غيرهم، ويصطدمون بالآخرين، ويسببون حوادث وأضراراً بالغير.
فالأولى أن يسير كل على جهته، دون أن يحصل منهم زحام أو مضايقات.
* فإذا وصلوا إلى مزدلفة، فإن المبيت بها واجب من الواجبات، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وفعله أصحابه، فإنهم لما وصلوا إلى مزدلفة، وكانوا قد وصلوها بعد ساعتين من الليل، أي: قطعوا الطريق في نحو ساعتين، أو ساعتين ونصف، فلما وصلوها بدؤوا بصلاة المغرب والعشاء جمع تأخير فالذي يصل إلى مزدلفة يقيم الصلاة؛ سواء وصلها مبكراً، أو متأخراً، بدأ بصلاة المغرب والعشاء فور وصوله قبل أن يحط رحاله.
هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لاهتمامه بهذه الصلاة، وإنما أخرها حتى يواصل سيره، وحتى يريح الدواب التي قد طال وقوفهم عليها، فمن وصلها بعد غروب الشمس بعدة دقائق فله أن يصلي ساعة وصوله، والذي يصلها بعد غروب الشمس بأربع ساعات، أو خمس، كما يحدث لبعض الذين يتأخرون من شدة الزحام، يصلي أيضاً ساعة وصوله، أما الذي يخشى فواتها بأن ينحبس إلى ثلثي أو ثلاثة أرباع الليل فله أن يصلي في الطريق؛ سيما إذا لم يتيسر له مواصلة السير، فإن الكثير قد يقفون ساعة، أو ساعتين في مكان واحد لا يتحركون من شدة الزحام، فلهم أن يُصلّوها في الطريق مخافة فواتها.