للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي هذه الحال لا يكون باعث للسيد أن يقول لمملوكه: أعتقتك ثلاثًا، أو أربعًا، أو غير ذلك، ولا يكون وجهٌ لأن يقال: إذا قال: أعتقتك ثلاثًا جُعِلت واحدةً، أو حُسِبت بواحدة، فتدبر.

وإنما يأتي هذا لو كان الحكم أن من أعتق عبده كان له أن يرجع إلى شهر مثلًا، ثم إذا أعتق ثانيًا فهكذا، فإذا أعتق ثالثًا لم يكن له الرجوع.

ففي هذا يمكن أن يقول بعض الناس لمملوكه: أعتقتك ثلاثًا، إما على وجه التوكيد، كأنه يقول: أعتقتك وعزمتُ على نفسي أن لا أرجع، كما لا يرجع من أعتق ثم رجع ثم أعتق ثم رجع ثم أعتق، وإما لظنه (١) ــ خطأً أو صوابًا ــ أنه إذا قال ذلك، كان كأنه قد أعتقه ورجع، ثم أعتقه ورجع، ثم أعتقه. وههنا يصح أن يقال: إذا قال: أعتقتك ثلاثًا جُعِلت واحدة.

وإذا فرضنا أن الحكم كان على هذا برهةً، ثم غُيِّر إلى أن من قال: أعتقتك ثلاثًا لم يكن له الرجوع، فحينئذٍ يليق أن يقول من يخبر عن الحكم السابق: "إنما كانت الإعتاقات الثلاث تجعل واحدة".

هذا وأنت خبيرٌ أن الحالة الأولى في مرسل عروة نُسِختْ نسخًا قطعيًّا بصريح القرآن، وكان النسخ بعد قدوم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بمدةٍ لا أراها تتجاوز ثلاث سنين، وانتشر ذلك في الصحابة انتشارًا تامًّا، وقضى به النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وعلمه الصحابة، واستقبل الناس الطلاقَ من يومئذٍ جديدًا، كما قال عروة، وقالت امرأة رفاعة (٢): "إن زوجي طلقني فبتَّ طلاقي".


(١) في الأصل: "على لظنه".
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٦٠)، ومسلم (١٤٣٣) من حديث عائشة.

<<  <   >  >>