للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك لا ينافيه ما جاء أن سورة البقرة نزلت قبل سورة الطلاق بمدة؛ لأن المراد فيه معظم سورة البقرة، فقد صح عن ابن عباس: "أن آخر ما نزل من القرآن آية الربا" يعني التي في سورة البقرة. رواه البخاري وغيره (١)، وروي مثله عن عمر (٢)، ولذلك نظائر في القرآن. انظرها في "الإتقان" (٣).

[ص ٤] فصل

قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} "ال" للعهد، أي: الطلاق الذي تعهدونه من حيث إن من شأنه أن الرجل إذا أوقعه كان له أن يراجع.

وهذه الحيثية كانت سبب نزول الآية، كما تقدم في مرسل عروة، والذي من شأنه ما قاله ذلك الرجل، والذي تقدم ذكره في الآية السابقة، وهي قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ} إلى قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}.

ولا ينافي هذا ما اخترناه من تقدم نزول آية {وَالْمُطَلَّقَاتُ} بمدة؛ لأنها في علم الله تعالى متصلة بها، وجعلت في النظم متصلة بها.

والعهد هنا أولى من الجنس لأمرين:

الأول: لما تقرر في الأصول: أنه إذا تحقق عهدٌ تعين المصير إليه.

الثاني: قوله: {مَرَّتَانِ} مع أن جنس الطلاق ــ مع صرف النظر عن المراجعة ــ ثلاث بمقتضى هاتين الآيتين.


(١) البخاري (٤٥٤٤). وأخرجه أيضًا أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص ٢٢٣ ــ ٢٢٤) والطبري في "تفسيره" (٥/ ٦٧)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (٧/ ١٣٨).
(٢) أخرجه البيهقي في "الدلائل" (٧/ ١٣٨).
(٣) (١/ ١٨٠).

<<  <   >  >>