للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحدَّ الله تعالى له حدودًا تمنع أو تقلِّل هذا الضرر، فلم يجعل له أن يطلق وهي حائض، ولا في طهر قد قاربها فيه، والسر في ذلك ــ والله أعلم ــ أن الرجل إذا بعد عهده بالمرأة قوي ميله إليها، فإذا طلَّقها مع ذلك كان الظاهر أن رغبته عنها قد استحكمت، وهذا هو المقتضي للرخصة في الطلاق.

وإذا كانت المرأة حائضًا كان محتملًا أن يكون قاربها في الطهر الذي قبل تلك الحيضة، فعهده بها قريب، وقرب العهد يُضعِف الميل، بل ربما أوجب النفرة.

وينضم إلى ذلك أن نفس الرجل تنفر من الحائض، إما للأذى، وإما لليأس من مقاربتها، وهذه نفرةٌ عارضةٌ، لا يصح أن يكتفى بها لاستحقاق رخصة الطلاق.

وهكذا إذا كانت طاهرًا وقد قاربها في ذلك الطهر، فعهده بها قريبٌ، وقرب العهد يُضعِف الميل، أو يوجب النفرة كما مر.

فإذا أراد أن يطلقها وهي طاهرٌ في طهرٍ لم يقاربها فيه، فالظاهر أن رغبته عنها قد استحكمت، ولكن ربما تضعف هذه الرغبة أو تزول إذا ازداد العهد بعدًا.

مع أن موجب النفرة قد يكون سببًا عارضًا، من ذنب وقع منها، أو إساءة، وإذا طال العهد غفر الذنب، ونسيت الإساءة، فرخص له أن يطلقها، على أن له أن يراجعها ما دامت في عدتها.

فإذا طلَّق كان عليه أن لا يقطع عنها النفقة والسكنى، ومن الحكمة في ذلك ــ والله أعلم ــ أن يبقى باب الصلح مفتوحًا ميسرًا، والغالب أن يكون

<<  <   >  >>