للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن الآيتين نزلتا منفصلتين عن الآية التي قبلها، وقد ثبت تقدمُها بالدليلين الأولين.

وعلى هذا فكلمة (المطلقات) على عمومها، ولا ينافيه قوله في أثناء الآية: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}؛ لأن الآية نزلت قبل تحديد الطلاق كما سمعت، ويكون قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ... } (الآيتين) ناسخًا لبعض ما دخل في الآية الأولى، وهو استحقاق الرجعة بعد الطلاق الثالث.

وأما على الوجهين الآخرين، فيحتمل في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ} أن يكون (١) من العام المراد به الخصوص، أو من العام المخصوص، أو (٢) أن يكون باقيًا على عمومه، ولكن الضمير في قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} أخصُّ من مرجعه، كأنه قال: "وبعولة بعضهن"، والمراد ببعضهن: المطلقات مرةً أو مرتين فقط.

وهذا الأخير ــ وإن ذكروه ــ بعيدٌ جدًّا؛ لمخالفته سنة الكلام من مطابقة الضمير لمرجعه، وتوجيهُه بإضمار "بعضهن" تعسفٌ، وهو شبيه بالاستخدام، وقد تكلمت على الاستخدام في مقالتي في بيان مَنِ المراد بقوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} (٣).

والحق في توجيه هذا أن الضمير عامٌّ كمرجعه، ولكن قد يرد التخصيص على العام باعتبار الحكم الواقع مع الضمير دون الحكم الأول،


(١) في الأصل: "تكون".
(٢) في الأول: "و".
(٣) انظر كلام المؤلف على المراد بهم في (ص ٣١٦ - ٣١٨).

<<  <   >  >>