للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عباس أنها كانت تُجعل واحدةً إنما هي الثلاث الواقعة في كلامٍ واحدٍ، حتى لو طلَّق، ثم بعد ساعة طلَّق، ثم بعد أخرى طلَّق، لم يكن هذا من ذاك، بل تكون ثلاثًا حتمًا. وهذا وهمٌ، وإنما المراد الثلاث التي توقع بدون تخلل رجعة، وقائل هذا يقول: إنما جعل الله إلى الزوج الطلاق مرةً واحدةً، فإذا طلَّق وراجع كان له الطلاق مرة ثانية، وإذا طلَّق وراجع كان له الطلاق المرة الثالثة، كما دل عليه القرآن، وتقدم بيانه.

[ص ١٦] وعليه، فليس هذا بنظير للفروع التي ذكرها، فعتقُه مائة رقيقٍ بكلمة واحدة أو بكلمات متصلة لا شبهة في صحته؛ لأنَّ له في تلك الحال عتقهم جميعهم، ولا كذلك الطلاق، وإنما نظيره أن يطلق زوجته ونساءً غيرها، ثم قال بعد ذلك: إني طلقت هؤلاء النساء مع امرأتي، فلا يحللن لي، فكما يقال هنا: إنك لم تكن تملك طلاقهن، وإنما كان يمكن أن تملكه بزواجهن، وهذا مفروض لا واقعٌ، فلم يقع فيه شيءٌ، فكذلك يقال هنا: إنك لا تملك من طلاق زوجتك إلا مرةً واحدةً، وإنما كان يمكن أن تملك الثانية بمراجعتك من الأولى، وكان يمكن أن تملك الثالثة بمراجعتك من الثانية، وهذا مفروض لا واقعٌ، فلا يقع به شيءٌ.

وهكذا لو كان قد طلَّق زوجته وراجعها مرتين، ثم [قال]: هي طالق اثنتين، فقيل له في ذلك، فقال: أردت أن لا أتمكن من نكاحها بعقد جديد، فهكذا من يطلق ثلاثًا، إذا قيل له: إن واحدة تكفي. قال: أردت أن لا أتمكن من مراجعتها.

فإن قيل: وكيف تقيس الرجعة على النكاح؟

قلت: لأن كلا منهما عقد تحلُّ به المرأة لمن كانت حرامًا عليه، وقد

<<  <   >  >>