للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} يعني ــ والله أعلم ــ: الطلاق الذي تعقبه رجعة؛ لأن هذا هو المعهود لهم سابقًا، والمعهود في القصة التي كانت سبب النزول، والمعهود في الآية التي قبلها، وهي قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} إلى قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}.

فكأنه قال: الطلاق الذي تعقبه رجعة إنما هو مرَّتان، لا مِرارٌ كثيرة، كما أراد ذلك الرجل المضارُّ أن يفعل.

وعليه، فكل مرة من المرتين عبارة عن طلاق عقبتْه رجعةٌ، لأن هذا ردّ على ذلك المضارّ الذي أراد أن يفعل هذا، أي الطلاق والرجعة مرارًا.

وقوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} أريد به ــ والله أعلم ــ: وبعد أن يطلق أحدكم [ثم يراجع] ثم يطلق ثم يراجع، لا يبقى له إلا أن يمسكها ويحتفظ بها، أو يُسرِّحها السراحَ الأخير، وهو الطلاق الثالث.

قال في الفتح (١): "معنى قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} فيما ذكر أهل العلم بالتفسير، أي: أكثر الطلاق الذي يكون بعده الإمساك أو التسريح مرتان، ثم حينئذٍ إما أن يختار استمرار العصمة فيمسك الزوجة، أو المفارقة فيسرِّحها بالطلقة الثالثة، وهذا التأويل نقله الطبري وغيره عن الجمهور".

ثم ذكر القول الثاني، وسيأتي، ثم قال (٢): "ويرجِّح الأولَ ما أخرجه


(١) (٩/ ٣٦٦).
(٢) أي الحافظ في "الفتح" (٩/ ٣٦٦).

<<  <   >  >>