للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجعة لما أمكن أن تكون بعدها مراجعة أخرى، وإذا ثبت أن المرة الثانية طلاقٌ تصلح بعده المراجعة ويصلح الطلاق، فقد وقعت المرة الثالثة من الطلاق عقب الطلاق الثاني بدون تخلل رجعة، وإذا جاز هذا بين الثانية والثالثة فليجز بين الأولى والثانية، ولا قائل بالفرق.

فالجواب: أن جمهور السلف فسروا الإمساك ههنا بالإبقاء في العصمة، لا بالمراجعة، ونظيره قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: ٣٧].

وقد أخرج الحاكم في "المستدرك" (١) عن أنسٍ قال: "جاء زيد بن حارثة يشكو إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من زينب بنت جحش، فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: أمسِك عليك أهلَك، فنزلت".

وذكر ابن جرير (٢) أثرًا عن ابن زيد، وفيه: "فجاء فقال: يا رسول الله! إني أريد أن أفارق صاحبتي، قال: مالك؟ أرابَكَ منها شيءٌ؟ قال: لا والله ما رابني منها شيءٌ يا رسول الله، ولا رأيت إلا خيرًا، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: أمسِكْ عليك زوجك واتق الله".

وروى أثرًا عن قتادة بنحوه (٣). (تفسير ابن جرير ج ٢٢/ ص ٩).

وأصرح منه قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠].


(١) (٢/ ٤١٧).
(٢) "تفسيره" (١٩/ ١١٦).
(٣) المصدر نفسه (١٩/ ١١٥).

<<  <   >  >>