للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال وقد ذكر بطليموس في كتابه أن أصحاب الطلسمات زعموا أن للفلك حركة انتقال بطيئة الزمان في كل ثمانين سنة درجة وقالوا إن هذه الحركة تتناهى إلى ثمانية أجزاء تقبل ثم تدبر ومعنى قولهم أن فلك البروج يتحرك من المغرب إلى المشرق مع حركة فلك الكواكب الثابتة أيضاً إلى هذه الجهة ثمانية أجزاء ثم يتحرك من المشرق إلى المغرب ثمانية أجزاء أيضاً وذلك على خلاف الحركة الأولى ومع ذلك فيجب أن يتحرك بحركة الكواكب الثابتة الحركة الأولى التي من المغرب إلى المشرق ولا يكون ذلك ولا يتهيأ إلا أن يكون غيره يحركه أو أن تكون الكواكب الثابتة هي التي تتحرك عليه وذلك أن الجرم الواحد لا يمكن أن يتحرك حركتين في جهتين مختلفتين معاً وذكروا أن منتهى الإقبال كان قبل ملك أغسطس بمائة وعشرين سنة مصرية وذلك هو سنة مائة وست وستين للإسكندر الماقذوني وإنه يجب أن يؤخذ ما بعد ذلك من السنين فيحسب لكل ثمانين سنة منه درجة فما حصل من ذلك ينقص إلى أن ينتهي إلى ثماني درج فما بقي زيد على حركات الكواكب المتقدمة فإذا تمت ثمانية أسقطت وأخذ ما زاد على ثمانية بعينه فزيد على مواضع الكواكب إلى تمام ثمانية ثم يعاد الأمر الأول وكان زمان السنة الذي كان يعمل عليه هؤلاء الذين ذهبوا هذا المذهب أكثر من شسه يوماً وربع يوم بمقدار خمس ساعة ونحوه فتقع حركة الشمس الوسطى في السنة المصرية شنط مد مج وأما إبرخس وهو بعد هؤلاء فعمل على أزمان السنة شسه يوماً وربع يوم فقط فتقع حركة الشمس في زمان السنة المصرية شنط مه يج وكان يزعم انه قد وقف على أنه أقل من الربع يوم. ثم رصد بطليموس من بعد إبرخس بمائتين وخمس وثمانين سنة فوجد زمان السنة فيما عمل عليه شسه يوماً وأقل من ربع يوم بجزء من ثلثمائة فكانت لذلك حركة الشمس في السنة المصرية شنط مه كه ورصدنا نحن بعد بطليموس بسبعمائة وثلث وأربعين سنة فوجدنا زمان السنة شسه يوماً وأقل من ربع يوم بثلثة أجزاء وخمسي جزء من ثلثمائة وستين فصارت حركة الشمس لذلك في السنة المصرية شنط مه مو فهذه الحركات كلها متزيدة من لدن زمان بختنصر ونحوه فقد بطل أن يكون هذا الذي وصفوا لشيء من قولهم في كمية الأجزاء ولا في مقدار الحركة ولا في التزايد والتناقص ولنا نرى هذا التزيد يكون على غير ترتيب في الإبطاء والسرعة وذلك أن بطليموس استدرك إبرخس في زهاء ثلثمائة سنة قريباً من يوم واستدركنا نحن على بطليموس في زهاء سبعمائة وخمسين سنة مقدار أربعة أيام وربع سوى اليوم الذي كان هو قد استدركه على إبرخس وإن يكن هذه الزيادة إنما وقعت من قبل خطأ وقع في الآلات التي رصد بها من قبل قسمتها أو تغيرها على طول الزمان فقد يجب ضرورة أن تقع في أرصادنا بعد مدة من الزمان إذ كانت قياساتنا في أرصادنا إنما هي إلى تلك الأرصاد وإن كان ذلك من قبل حركة الفلك لم تظهر لنا حقيقتها ولم نحط بمعرفتها نحن ولا غيرنا من المتقدمين فإن طلب الحق واتباعه أن يرصد في كل زمان فما وجد من شيء واستدرك فيه أصلح كما أصلح في الزمان الذي قبله. وأما ما يقع به الظن ويوجبه القياس فإنه لما كانت هذه الزيادة شاملة في جميع حركات الكواكب كلها إنما وقع من قبل حركة فلك الكواكب الثابتة وذلك أن بطليموس ذكر أن هذه الحركة فيما وجد بأرصاده وعلى حسب ما عمل عليه من قبله أيضاً تكون في كل مائة سنة درجة واحدة ولم يكن بين أرصاد بطليموس وبين الأرصاد التي قاس إليها من المدة ما يوجب أن يظهر معه في مثل هذه الحركة تغيير بين وذلك أن بين الرصد الذي رصده هو والرصد الذي قاس إليه زهاء مائتين سنة فقط وإنه لما طال الزمان بيننا وبينه تبينت في هذه الحركة حتى وجدت في كل ستة وستين سنة شمسية درجة واحدة ومن قبل اختلاف هذين المسيرين ما وقعت من الزيادة مع الكل.

[الباب الثالث والخمسون]

[معرفة أوقات تحاويل السنين وطوالعها]

ومواضع الكواكب عند عودتها إلى الجزء الذي كانت فيه في الأصل

<<  <   >  >>