وأما الشمس والقمر فإنهما لا يعرض لهما ذلك عندنا وذلك لن مسير كل واحد منهما في اليوم أكثر من اختلاف تعديله في اليوم أضعافاً كثيرة فليس ببين فيهما حال الرجوع وإن كانا لا بد لهما في ذاتهما من مسير في النصف الأقرب من فلك تدويره ولكنه لا يحس لهما ذلك. وقد امتحنا حركة كل كوكب من هذه الكواكب الخمسة المتحيرة كثيراً في مواضع من أفلاك تداويرها أحدها إذا وافق الكوكب نقطة البعد الأبعد منه والثاني إذا وافق نقطة البعد الأوسط والثالث حين يوافق نقطة البعد الأقرب وفي غير ذلك من المواضع التي تكون لمركز فلك التدوير في الفلك الخارج على جهة البعد عن نقطة البعد الأبعد منه والقرب منها حتى وقفنا على ما ظهر من حركاتها الوسطى ف الطول من الزيادة على الحركات الموضوعة في كتاب بطليموس ومع ذلك أيضاً على معرفة ما ظهر من اختلاف حركاتها ومواضع بعدها الأبعد في أفلاكها الخارجة من فلك البروج وصححناه وأثبتناه في الجداول بعد ان ألحقنا في مسيرها في الطول ما وجدناه في كل واحد منها من الاستدراك وأما تعاديلها فإننا وجدناها مقاربة لما في كتاب بطليموس وكذلك مواضع أبعادها فأثبتناها بحالها إلا ما كان من بعد المشتري الأبعد فإننا قسناه بالقمر ماراً كثيرة بحسب موضع القمر المرئي في أوقات القياسات فوجدناه نقص من المقدار الموضوع بقريب من ثمانية أجزاء. ولما كانت حركات الكواكب العلوية في أفلاك تداويرها هي ما يبقى من مسير الشمس الأوسط إذا أنقص منه حركة الكوكب الوسطى في الطول وكان مسير الزهرة وعطارد الأوسط مثل مسير الشمس الأوسط فأما حاصتها فإنها تخرج من الجداول ونجد حاصة الزهرة أكثر من حاصتها الموضوعة بقريب من أربعة أجزاء ونصف وحاصة عطارد قريباً من جزء ين ونصف فقسمنا ذلك على الزمان الذي بيننا وبين بطليموس وزدنا ما حصل اليوم الواحد من ذلك مسير حاصة كل واحد منهما ليوم ولم نغفل شيئاً نرى انه يقع من قبله خلل بقدر الطاقة إلا وأحكمناه وإن كانت حركاتها غير مدركة بالحقيقة ولا يمكن إدراك حركات النيرين وذلك أن ارصادها إنما وقعت عند موافقتها لبعض الكواكب الثابتة بالتقريب.
ولما كانت أيضاً أبعادها البعيدة تتحرك بحركة فلك الكواكب الثابتة استغنينا عن وضع جداول الحركات لحاصة كل كوكب من الكواكب العلوية ولمسير الكوكبين السفليين وعن قياس أبعادها إلى قلب الأسد أو غيره من الكواكب الثابتة وألقينا أيضاً ذكر الأرصاد التي كانت لها عندنا في المواضع المذكورة طلب الإيجاز ولكيلا تكثر الخطب فيما نحاول من البيان في كل كوكب منهما. وأما عروض الثلثة كواكب العلوية أعنيهم زحل والمشتري والمريخ فإنها تقارب ما وجدناه من الأقدار في كتاب بطليموس فأقررناها بحالها في تعرف عروضها وأما الزهرة وعطارد فإننا وجدنا في عروضها اختلافاً كثيراً وقع فيما نرى من قبل ما يعمل به في معرفة العرض فغيرنا مأخذ العمل الذي وجدناه لهما في كتاب بطليموس إلى ما رأيناه يقارب ويوافق ما نجد من عرضهما بالرصد. وقد يمكن ان يكون ما وقع في العمل في كتاب بطليموس من قبل المترجم للفظه اليوناني أو خلل وقع في النسخة التي منها ترجم الكتاب والله أعلم.