قال إذا أردت أن تعرف سمت الجنوب وهو خط نصف النهار في كل بلد تريد في أي وقت شئت من أوقات السنة فإن لم يكن لك موضع الشمس معلوماً فاعمد إلى موضع منكشف الأفق سلس الوجه موزون السطح غير مائل فأدر فيه دائرة بأي قدر شئت واثبت في مركز الدائرة عوداً رقيقاً محدود الرأس مستوياً لا اعوجاج له وأحسن أقداره أن يكون طوله مثل ربع قطر الدائرة وقدره بالمقدار من أربع نواحي الدائرة إلى طرف العود ليصبح قيامه على المركز ثم ارصد الظل في أول النهار وهو مستطيل فلا يزال يقصر حتى إذا انتهى إلى محيط الدائرة وكاد أن يدخل فتعلم على موضعه من محيط الدائرة نقطة تكون علامة على طرف الظل ثم أمهل الظل إلى أن يجوز نصف النهار ويبتدئ الظل بالزيادة حتى إذا انتهى إلى محيط الدائرة وكاد أن يخرج فتعلم على طرف موضعه في محيط الدائرة نقطة ثانية تكون علامة على طرف الظل ثم اقسم القوس التي بين النقطتين بنصفين وتعلم على موضع نصف القوس نقطة وأخرج من هذه النقطة خطاً مستقيماً يجوز على مركز الدائرة إلى الجانب الآخر من المحيط وأنفذه كم شئت وصنعة ذلك أن تجعل حرف المسطرة على النقطة التي في نصف القوس وعلى المركز وتخط خطاً يجوز على النقطة وعلى المركز جميعاً إلى محيط الدائرة من الجانب الآخر فيكون هذا الخط هو خط نصف النهار أبداً فمتى وقع ظل العود الذي في المركز على هذا الخط فهو وقت انتصاف النهار طال الظل أم قصر وهذا الخط هو سمت ما بين الجنوب والشمال ثم ربع الدائرة بخط آخر يجوز على مركز الدائرة وعلى زوايا قائمة وتنقسم الدائرة بهذين الخطين أرباعاً متساوية ويكون هذا الخط سمت ما بين المشرق والمغرب ثم ارسم على أطراف الخطوط جهات الأفق أعني المغرب والمشرق والشمال والجنوب. وكلما قربت الشمس من نقطة المنقلب أي المنقلبين كان أصح الرصد لإبطاء حركة الشمس فيما بين الرصدين في الميل أعني رصدي الظل. ومعلوم أن وقت انتصاف النهار غير محدود بالحقيقة لسرعة مر الشمس في الميل في فلك نصف النهار ولكنه يعرف وقت انتصاف النهار أو أقرب الأوقات إليه. وهذا مثال الدائرة المذكورة إن شاء الله تعالى.
قال تخط دائرة على مركزه وتثبت العمود الموري في موضع نقطة هـ وترسم على موضع طرف الظل الذي قبل انتصاف النهار نقطة اوعلى موضع طرفه الذي بعد انتصاف النهار علامة ب وتقسم قوس اب بنصفين على علامة ج وتخرج خط ج إلى علامة د فخط ج هـ د هو خط نصف النهار ونقطة د هي جهة الجنوب ونقطة ج هي جهة الشمال ثم تقسم قوس ج اد بنصفين على نقطة ط وتجر على نقطتي ط هـ خطاً يخرج إلى نقطة ز جهة المشرق ونقطة ط جهة المغرب فكلما وقع ظل العمود الموري على خط هج كان وقت انتصاف النهار أبداً.