وأكثر ما أخذ الأولون ذلك من الأرصاد الصيفية التي تؤخذ بمجاز الشمس على نقطة الانقلاب الصيفي وليست ترى في الصحة مثل الأرصاد التي تكون بمجاز الشمس على إحدى نقطتي الاعتدالين سيما نقطة الاعتدال الخريفي لصفاء الجو ونقائه في ذلك الزمان أكثر من صفائه ونقائه في زمان الاعتدال الربيعي. وذلك أن الشمس إذا جازت على نقطة المنقلب كانت بطيئة الحركة في الميل وإذا كان مجازها على نقطتي الاعتدالين كانت حركتها في الميل سريعة جداً ولذلك ما اعتمد بطليموس إلا على الأرصاد الخريفية وجعل قياسه إليها وكان أحد أرصاد إبرخس الذي عمل عليه ولم يشك ي حقيقته الرصد الذي ذكره فقال انه وجد الشمس جازت على نقطة الاعتدال الخريفي في سنة مائة وثمان وسبعين من ممات الإسكندر في اليوم الثالث من الأيام الخمسة اللواحق في وقت انتصاف الليل بالإسكندرية من الليلة التي صبيحتها اليوم الرابع من اللواحق وصح ذلك عنده. ورصد بطليموس من بعد مائتين وخمس وثمانين سنة مصرية وهو الرصد الذي ذكر في كتابه انه حققه ودققه بغاية التدقيق فوجد الشمس جازت على نقطة الاعتدال الخريفي في السنة الثالثة من ملك انطونيوس وهو سنة أربعمائة وثلث وستين من ممات الإسكندر في اليوم التاسع من اتور من شهور القبط بعد طلوع الشمس بالإسكندرية بساعة واحدة بالتقريب فلما اخذ الزمان الذي بين الرصدين وجده على الحقيقة مائتين وخمساً وثمانين سنة مصرية وسبعين يوماً وربع يوم وجزءاً من عشرين من يوم مكان الواحد والسبعين والربع يوم التي كانت تجب أن تجتمع من الأرباع التامة في هذه المائتين وخمس وثمانين سنة وتكون نسبة هذا اليوم الواحد إلا الجزء من عشرين من يوم الذي تقدم به زمان الرصد زمان الربع اليوم الزائد على ثلثمائة وخمسة وستين يوماً إلى مائتين وخمس وثمانين سنة التي بين الرصدين كنسبة اليوم الواحد إلى الثلثمائة سنة. فصار زمان السنة المأخوذ بهذين الرصدين ثلثمائة وستين جزءاً، وذكر أنه أيضاً أخذ الأرصاد الصيفية القديمة التي كانت قبل أبرخس وهو الرصد الذي كان على عهد افسودس ملك أثينس الذي كان مجاز الشمس فيه على نقطة المنقلب الصيفي قبل ممات الإسكندر بمائة وثماني سنين مصرية صبيحة اليوم الحادي والعشرين من فارموث من شهور القبط من تلك السنة وأنه رصد الشمس فوجدها جازت على نقطة المنقلب الصيفي في سنة أربعمائة وثلث وستين من ممات الإسكندر في إحدى عشر يوماً من مسري من شهور القبط من بعد انتصاف الليل من الليلة التي صبيحتها اليوم الثاني عشر منه بقريب من ساعتين. وكان ما بين هذين الرصدين قريب من خمسمائة وإحدى وسبعين سنة مصرية ومائة وأربعين يوماً ونصف وثلث يوم مكان مائة واثنين وأربعين يوماً ونصف وربع يوم تجتمع من أرباع السنين المذكورة لو كانت الأرباع تامة في السنين. فوجد الانقلاب الصيفي قد تقدم زمانه زمان الربع التام بيوم واد وثلثي يوم وربع يوم ونسبة هذا اليوم والثلثي يوم والربع يوم إلى الخمسمائة والإحدى والسبعين سنة المذكورة كنسبة اليومين التامين إلى الستمائة سنة فوافق ذلك ما عمل عليه إذا كان الرصد قد تقدم زمان الربع اليوم التام في كل ثلثمائة سنة بيوم واحد وإن كانت هذه الأرصاد الصيفية ليست في الثقة كالخريفية للعلة التي ذكرنا. وبين أن الرصد الذي كان قبل ابرخس كان قبل رصد أبرخس بقريب من الزمان الذي بين رصد أبرخس ورصد بطليموس وذلك أنه قبل ابرخس بمائتي سنة وست وثمانين سنة، ثم رصدنا نحن بمدينة الرقة فكان أحد أرصادنا الخريفية الذي نعتمد عليه ونثق بصحته فيما ظهر لنا بالآلة الرصد الذي كان بعد رصد بطليموس الخريفي الذي تقدم ذكره بسبعمائة وثلث وأربعين سنة وذلك لما قسنا فوجدنا الشمس جازت على نقطة الاعتدال الخريفي في سنة ألف ومائة وأربع وتسعين من سني ذي القرنين التي هي من بعد ممات الإسكندر سنة ألف ومائتين وست من قبل طلوع الشمس من اليوم التاسع عشر من أيلول من شهور الروم وهو اليوم الثامن من باخون من شهور القبط بأربع ساعات ونصف وربع ساعة بالتقريب ولأن فلك نصف النهار بالإسكندرية يتقدم فلك نصف النهار بالرقة بقريب من ثلثي ساعة معتدلة يكون بين الرصدين أعني رصدنا ورصد بطليموس الخريفي سبعمائة وثلث وأربعون سنة مصرية ومائة وثمانية وسبعون يوماً ونصف وربع غير خمسي ساعة بالتقريب مكان مائة