ولو كانت الشمس مثل الأرض لكان عرض الظل من أسفله إلى أعلاه بمقدار واحد ولم يكن له في الهواء نهاية بل كان متصاعداً بلا نهاية فكان كسوف القمر لذلك في أعلى فلك تدويره أو أسفله بمقدار واحد وكان يبطؤ في الكسوف أكثر من إبطائه الموجود ولكانت الكواكب كلها تنكسف عند مقابلتها الشمس. ولو كانت الشمس أصغر من الأرض لكان أعلى الظل أعرض من أسفله ولكن متصاعداً في السماء بلا نهاية وكلما ارتفع عرض الظل فكان القمر والكواكب تنكسف وتبطؤ في الكسوف أياماً مختلفة بحسب مسيرها من مسير الشمس. وأما الشمس في فإن علة كسوفها القمر وذلك انه إذا وافق في أوقات الاجتماعات أن يرى مركزه على نطاق البروج حال بين أبصار الناظرين إلى الشمس وبين الشمس لوقوعه في الخط الذي يخرج من البصر إلى الشمس إذ كان هو اقرب منها إلى الأرض وكذلك الشيء الصغير لا يزال يرى دائماً أبداً ويستر الشيء الكبير إذا كان أقرب إلى الأبصار منه. وعلى قدر ما يتفق عرض القمر في الرؤية تكون أقدار الكسوف إلى أن ينتهي إلى الغاية التي لا يمكن ان يستر دائرته شيئاً من دائرة الشمس ولذلك صار كسوف الشمس مختلف الأقدار في المواضع المختلفة العرض وكسوف القمر في جميع المواضع يرى مقداراً واحداً. وأما أبعاد الشمس والقمر وأقطارهما وعظم أجرامهما في قياسهما إلى الأرض فغن بطليموس قدم لمعرفة ذلك كسوفين قمريين جعل القياس عليهما وأجراه على أن القمر يستر الشمس كلها عن الأبصار إذا كان بعده الأبعد عن الأرض في أوقات الاجتماعات وكان يرى على نطاق البروج ولم يجعل لقطر الشمس في قربها وبعدها من الأرض اختلافاً محسوساً مع القمر بل جعل معه بمقدار واحد ولم يذكر في كتابه شيئاً من أرصاد الكسوفات الشمسية ولم يستعملها ولسنا نحيط علماً بما صنعه من ذلك ولكننا لم نر في ما رصدنا من أقدار الكسوفات الشمسية ما يوجب أن تطبق دائرة القمر دائرة الشمس وتسترها عن الأبصار على هذه النسبة المذكورة بل وجدنا مع ذلك أيضاً لقطر الشمس تغيراً ظاهراً بيناً مع القمر فيما بين بعده البعد والقرب على حساب ما يوجبه القياس البرهاني وإن كان في ذاتها هو قليل غير محسوس ونجعل برهاننا على ما وصفنا كسوفين شمسيين من الكسوفات المشهورة التي رصدناها في زماننا كانت الشمس والقمر أحدهما في ناحية بعدهما الأبعد وكانت الشمس في الثاني من ناحية بعدها القرب والقمر قريباً من بعده الأوسط وكان وسط الكسوف الأول على ما وجدناه بالرصد في سنة ألف ومائتين واثنين لذي القرنين التي هي سنة ار يد من ممات الإسكندر من بعد انتصاف النهار في اليوم الثامن من آب بمدينة الرقة مقدار ساعة زمانية وانكسف من الشمس أكثر من ثلثيها في المنظر وكانت الشمس بحسابنا في وقت الاجتماع أما بمسيرها الأوسط في ك ند من الأسد.