والذي يقطم إلى معرفة هذا الاختلاف في أكثر الأمر هو علة الكسوفات الشمسية فإنه لا تمكن الإحاطة بمعرفتها دون الإحاطة بمعرفة مقدار هذا الاختلاف في كل مواضع الأفق. وأما في الكسوفات القمرية فليست لنا حاجة إذا كان القمر ليس العلة في كسوفه كما هو العلة في كسوف الشمس وإن العلة في كسوفه غيره. وهذا الاختلاف أيضاً محسوس في الزهرة وعطارد أكثر لقربه من القمر ولاسيما إذا كان عطارد في بعده القرب فإن اختلاف منظره يكون عند ذلك مثل اختلاف منظر القمر في بعده الأبعد. وأما الشمس فإنه فيها غير محسوس كما هو في غيرها من الثلثة المذكورة وهو على ما رسمه بطليموس بنسبة الواحد إلى الألف والمائتين والعشرة التي جعلها بعد الشمس المرسل عن مركز الأرض. ونجد موضع الشمس المرئي موافقاً لموضع الشمس الحقيقي لأن اختلاف منظر الشمس قد دخل في حساب الشمس في وقت الرصد إذ كان إنما علم حد فلك البروج وبعده عن معدل النهار برصد الشمس وقد كان ظهر فيمل تقدم أن نقطة البعد الأبعد من الفلك القمري لخارج المركز ستين جزءاً عن مركز الأرض فإذا كان نصف قطر الأرض جزءاً واحداً كان بعد القمر عن ظهر الأرض عند ذلك نط جزءاً وبهذا المقدار تكون الخمسة أجزاء والربع التي هي نصف قطر فلك التدوير خمسة أجزاء وسدساً بالتقريب وقطر فلك التدوير كله عشرة أجزاء وثلثاً. ولذلك إذا كان مركز فلك التدوير في نقطة البعد الأبعد من الفلك الخارج ويتهيأ ذلك في أوقات الاجتماعات والمقابلات الوسطى وكان القمر في نقطة البعد الأبعد من فلك التدوير يكون بعده البعد عن الأرض سد ي وهو الحد الأول وإذا كان في أسفل فلك التدوير كان بعده عن الأرض نج ن وهو الحد الثاني وأما إذا كان مركز فلك التدوير على نقطة البعد الأقرب الذي قد كان بان بعده عن مركز الأرض لط كب ويكون ذلك بذلك المقدار لح مج وإنما يتهيأ ذلك في تربيعي الشهر اللذين عن جنبي الامتلاء فإذا كان القمر في أعلى فلك تدويره كان بعده عن الأرض لج لج وهو الحد الرابع. وفيما بين هذه الحدود الأربعة حدود تكون مختلفة الأبعاد. فإذا أردت أن تعرف بعد القمر عن الأرض فخذ حاصة القمر المعدلة فإن كانت أقل من قف فاعمل بها وإن كانت أكثر من قف فانقصها من شس واعمل بما يبقى ووجه العمل بذلك أن تنظر فإن كان العدد الذي أمرتك أن تعمل به أقل من تسعين فخذ وتره ووتر ما يبقى لتمامه إلى تسعين فاضرب كل واحد من الوترين في هـ يه التي هي نصف قطر فلك التدوير فما اجتمع منها فاقسمه على نصف القطر فما بلغ فاحفظه فما حصل من وتر تمام العدد فزده على ستين فما بلغ فاضربه في مثله وزد عليه ما حصل من وتر العدد مضروباً في مثله وخذ جذر ما اجتمع من ذلك. وإن كان العدد الذي أمرتك أن تعمل به أكثر من تسعين فألق منه تسعين فما بقي فاعرف وتره ووتر ما يبقى لتمام العدد إلى تسعين ثم اضرب كل واحد من الوترين في هـ يه واقسمه على نصف القطر فما حصل لوتر تمام العدد مضروباً في مثله وخذ جذر ما اجتمع فما حصل من أحد الجذرين فهو قطر القمر أعني بعده عن مركز الأرض في وقت الاجتماع والاستقبال الوسطين فانقص من كل درجة من هذا البعد دقيقة فما بقي فهو بعد القمر عن الأرض. وإن كان القمر فيما بين الاجتماع والمقابلة من إحدى الناحيتين فخذ ما يحصل من ضرب دقائق الجدول الرابع من جداول تعديل القمر في الجدول الخامس منها وهو الذي أمرتك أن تزيده على تعديل القمر المفرد في وقت التقويم وزده أبداً على الخمسة أجزاء والدقيقة التي هي جملة التعديل المفرد.