كادت تمزق ذهني من بلاغة ما ... أبدت وقد مزقت مع أنها قصب
وهبت من لفظك الدري لي مدحاً ... وأحس الناس من يعطي ومن يهب
أخجلت بدر الدجى فانصاع من خجل ... في فضل ذيل غمام الأفق ينتقب
وافت إلي بشهر رحت أحسبه ... عيداً وإن مضت الأزمان والحقب
فبت تنشدني نفسي وأنشدها ... ) يا ليت عدة حولي كله رجب (
قرطت في لؤلؤ ما ضمه صدف ... منا المسامع إلا أنه رطب
فقل لمن رام أن يحكي محاسنها ... ) لقد حكيت ولكن فاتك الشنب (
يا من يراه كبار الناس فوقهم ... كما تراءت على أبراجه الشهب
إن قلت لا زلت مرفوعاً ومنتصباً ... فإنما أنت مرفوع ومنتصب
قد كنت قطب الرحى فينا يدور به ... منا على محور يك العلم والأدب
واليوم منا الرحى دارت بلا قطب ... وهل تدور رحات ما لها قطب
أم العلى إن نسبناها إلى أحد ... فأنت يا سيدي جد لها وأب
وكل من يدعي في الفضل رتبتكم ... فمدعي نفسه حاشا كم كذب
إني بنيت على علياك من فكري ... بيتاً من الشعر لم يمدد له طلب
فاعذر فتىً قد توالت بعد فرقتكم ... على قريحته الأشجان والنوب
قد أذهبتني ببلواها ومن قدم ... في النار أصلي لا من هونه الذهب
ولا غبار على مدحي فعندك لي ... تعليق نظم على الأحداق مكتتب
فالما دحوك على ما حزت من شيم ... أثنوا عليك بشيء منك مكتسب
) وكتب في ذيلها شاكراً (سعيي له في أمرٍ أتعبت فيه لساني وأقدامي. لكن لم ينتج لأمرٍ ما طبق مرامي:
بأبي يا أبا الثنا وبعمي ... أنت تفدى وبالغطاريف قومي
قد بذلت المجهود في سعيك الم ... حمود فيما به يفرّج همي
) وقوله (:
كم ولوع لي بهاتيك المغاني ... ونزوع لأحاديث الغواني
ودموع من عقيق قد كست ... جبلي نعمان ثوب الأرجواني
لم تقل عيني حسبي ما جرى ... من شؤون وكفاني وكفاني
يا رعى الله ليالينا التي ... في دجاها أشرقت زهر الأماني
بي أويقات مضت من طيبها ... رب ساعات بها عدت ثواني
واعنا قلبي هل من راحة ... لمعنى لاعج الشوق يعاني
كم أبان الوجد ما أضمرته ... بفؤادي من هوى أم أبان
كلما مالت ببانات النقي ... شمائل زادت إليهم ميلاني
بان عني من إمالته الصبا ... والصبا كم أمالت غصن بان
ودعاني كخيال طارق ... يا خليلي بعينيه دعاني
وسقاني من طلي راحته ... أحمراً عربدة السكر وقاني
في اللوى يا سعد كم لي من لوى ... ساعد البين لواه ولواني
لا أضل الله عن طرق الهدى ... من إلى النضال وأهليه هداني
كم رماني أسهماً من لحظه ... لا رمت سهم لحاظ من رماني
سقم فيه ابتلى الله الصبا ... وابتلى لحظ الغواني وابتلاني
أعين أعدي بجسمي سقمها ... لا تعداني الذي منها عداني
وخيال مع خيال لم ينم ... عمرك الله متى يلتقياني
أنا كالظل إذا ما أشرقت ... شمس حسن نورها حالاً محاني
يا خليلي وهل من مسعدٍ ... لشجٍ أولع بالبيض الحسان
ثمل ما صافحت راحته ... راحة كلا ولا طاف بحان
ذي انتهاض لهوى سلمى وما ... عن نزوع لحماها متوان
إن بالجزع سقي الجزع الحيا ... منزلاً نقب كالجزع حباني
لعبت فيه الليالي مثل ما ... لعبت في لمتي أيدي الزمان
لمة قد فتك الشيب بها ... فتكة اللحظ بنجلاء الطمان
أشعلت ذكرى شبابي هامتي ... بمشيب واد كار العنفوان
ذا هوى كنت فلما أن بدا ... وضح الشيب بفردي ثناني
في فروق بات قلبي وأنا ... لست أدري من ضني أين مكاني
عائدي إن زارني ليس يرى ... في مكاني غير آثار جراني
شام برقاً فيه رعد وحياً ... كل من شام يراعي ببناني
هان قدري وأنا ذو عزةٍ ... عند من شبه مثلي بابن هاني
وأرى جنية وسوس لي ... أن شعري فاق شعر الأرجاني
راجت الأرواح ما قد روقت ... راحتي يا صاح من خمر الدنان
كم أوانٍ من بيان أترعت ... بثنا من جاد في روح المعاني