للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أعرض لحضرة عارض همع فاستوشلت البحور. ووامضٍ لمع فكسفت الشموس وخسفت البدور. من الثناء والدعاء. ما لا يسعهما وعاء. وأنهى لجناب ذلك الشهاب الثاقب. والبدر الحاضر الغائب. أنه وصل منه شريف كتابه. ومنيف خطابه. والداعي إذ ذاك في عقائل شكوى سدكتني منذ أيام سدك الغريم. وعركتني بأكف آلامها وأيدي أسقامها عرك الأديم. حتى لقد فغرت على فاها المنون. واستوت في اليأس من الحياة مني الظنون. إلا أنه تعالى بلطفه من علي بالشفاء. ونقلني على جهة اليأس إلى جانب الرخاء. فله الحمد متواتراً. والشكر أولاً وآخراً. وهو المسؤول أن يبلغك أطول الأعمار. ويروي عنك مكروه الأقدار. وكان كتابكم قد وافى في عنفوانها. وأبان نزواتها. فخفف من أوصابها. وخلع بعض أثوابها. وكأنما ورد عائداً ملطفاً. أو وفد زائراً متحفاً. ولما نضوت برد الاعتلال. وشمت برق الإبلال. وجب إنهاء العرض المعترض. وتعين قضاء الحق المفترض. فنبهت عين النون. وأطلقت لسان القلم لتحرير هذه الأحرف المشحونة بالزخرف ولولا ترتيب الحق كما ذكرتم ما كنت أنطق ببنت شفة. وما زاد على هذا فمعدود من السفه. وأما الشرك الذي نصبته لصيد غرانق العقول. فهو منقول غير معقول. فتدبر) وقد بلغنا سلامكم (لكل من خصصته بسلام. من الخاص والعام. والجميع سالمون ويسلمون. وكما أمرتم نحن لسنا بغافلين عن تحريض مخدومكم المحروس بعين عناية الله تعالى المعيد المبدي. النجيب عبد الله أفندي. على مثابرته على القراءة وغيرها. وما شاء الله كان وحركاته وسكناته جميعها طبق ما تؤملون ليكن معلومكم أفندم.

) وأتاني (من هزار قفص المعاني، ذي الفضل الجليل الجلي، أحمد عزت أفندي العمري الموصلي، عدة قصائد، هي في عنق الدهر قلائد. منها قوله. دام فضله. في جواب كتاب أرسلته إليه. لا زالت مرسلات اللطف تهب عليه:

ما بين قلبي وبرق المنحنى نسب ... هذا وذياك خفاق ومضطرب

شتان ما بين خفاق بلا سبب ... ليلاً وما بين خفاق له سبب

ما لاح ومضك يا برق الحمى سحراً ... إلا وجن إلى مغناه مغترب

ما كان يشجي فؤادي ومض بارقه ... لولا الهوى وظباء بالهوى عرب

كلا ولا كدت أرضى أن أموت جوى ... في أهل وجرة لولا ماؤها العذب

يا صاحبي عجا نحو الغوير فلي ... ما بين مربعه والمنحنى إرب

فإن سكانه يوماً إذا عدلوا ... جاروا زماناً وإن أرضيتهم غضبوا

قولاً لأهليه هذا قلب صاحبكم ... كالبرق بين أثافي ربعكم يجب

لله قلبي له في كل آونة ... تقلب في ربي حزوي ومنقلب

يصبو إليها وقد جر النسيم بها ... ذيلاً وشقت عليها جيبها السحب

كأن هطالها في كل مرتبع ... مد من البحر يعلو ثم ينسكب

من لي بعين تزال الدهر هامية ... بمدمعيها وقلب حشوه لهب

دارت لآلئ دمعي فوق مقلتها ... فالعين كأس ودمعي فوقها حبب

سقياً ورعياً لأيام الشباب وإن ... لم يبق لي بعد ذا فيهن مطلب

يا ليت عصر شبابي مذ قضى وطراً ... قضيت من حقه بعض الذي يجب

فالعيش في ظل أيام الصبا فإذا ... مضى الشباب فلا لهو ولا لعب

إلى متى أنا والدهر المشتد لي ... لا زال يبعدني عنهم واقترب

ومن تفكر في الدنيا وحققها ... رأى أموراً غطا ما كلها عجب

ما خلت ألقي عصا التسيار في بلدٍ ... ودأب راحلتي في سيرها خبب

ما نالت البيد مني يوم مطلبي ... ما نال مني ومن أكتارها القتب

أكنت مثل) شهاب الدين (حين سرى ... جرت يدي مجده نحو العلى الرتب

سعى فأجمل بالتطلاب عن سعة ... يوماً فما خانه رزق ولا طلب

وما درى من أراد العز في جدة ... أن التقدم مقرون به التعب

أبقى بقلبي ناراً من تباعده ... والنار آونة تخبو وتلتهب

كاتبت عبدك يا مولي الورى فغدا ... في جيده من لآلئ مدحكم سخب

ما مر ذكرك في أفكاره أبداً ... وإن تباعدت إلا هزه الطرب

يهوى التشرف في لثم الأنامل من ... راحات كف امرئ آباؤه نجب

إن أوعدوا أرهبوا أو واعدوا أوهبوا ... أو أهزموا طلبوا أو سوجلوا غلبوا

لله أقلامك اللاتي سحرن فتى ... أقلامه أخجلت ما ضمت من الكتب

<<  <   >  >>