للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما وحرمة الأدب. أن الدهر لأبو العجب. وأني سأتلو عليكم من ذلك ذكراً. ليحيط من لم يحط به خبراً. بينا هذا الغريب يعاني من كرب الغربة. ما بلغ عقد الكرب واسأل عرق القربة. وقد قاء سمعه ما تجرعه في سفره من صديد متعفن النظم. وجاء ذهنه بصقره ونقره. لما بلي من سوء الفهم. وجعل يظن العربي رومياً. ويحسب الوحشي أنسياً. وجرب من غواني حواسه الأديم من مصاحبة الجرباء. وعاد يتلون حدسه المستقيم تلون الحرباء. وعمش عقله وكان وعينيك ينظر بعين عقاب. وتعرى من الملابس فضله وكان وجديك يجر على المجرة فاضل الإعجاب. إلى أمور ينشق رأس القلم صداعاً. إذا انشق أنفه مفتن ذكرها. ويتشقق القرطاس غيظاً إذا أحس خده الصقيل بخشن سطرها. إذ برزت عليه من سجاف الغيب. حوراء قصيدة لا عيب فيها سوى أنها لم تدنس بعيب. فجعلت تغذوه بلبانها مع أنها بكر لم تطمث. وتتثنى سكراً في حانها مع أنها العدوية التي لم تشرب المثلث. وأخذت تداوي خموش عجائز قصائد تركية. شانت أسيل سمعه. وتكسو فضله ملابس سندسية. طالما جر ذيولها في رفيع ربعه. وغدت تدلك ما جرب من أديم حواسه بما جرب من معسول رضابها. وتكحل عيني عقله بما أثارته من غبار الفصاحة ذيول إعجابها. وأدخلت على قلبه الخفاق من السرور الوفير. ما لو تجسد لملأ ما بين الخافقين فاستخفه الفرح حتى أوشك ولا جناح أن يطير. مع أنه وكتاب الله تعالى الواحد الأحد من ثاني الثقلين. إلى أمور ضم القلم عليها لحلاوتها شفتيه. وبخل بالشفاه بها على القرطاس لنفاستها ولم يحكم خوف انكساره عليه. فلما رآها أجدى من تفاريق العصا. ونال ما نال م ننفعها الذي امتنع من أن يحصى أو يحصي الحصى. جعل يدعو لمنشيها. ومحكم قوى قوافيها. حضرة المولى الذي هاجر من مكة الفصاحة إلى مدينة البلاغة. ثم عرج به إلى قاب قوسي الإعجاز فأنى يبلغ سهم أديب بلاغة. العدوي الذي عدا فاستنزل بهمته عصم الحقائق. من صاصيها. وبدا فاستذل بعزته أعز الدقائق. فسفع بنواصيها. العمري الذي فطره مولاه على أحسن فطرة وجبله. فأخاف ولله تعالى در بدرة فطنته وذكاه سهل الأدب وجبله.) فلعمري (لقد سامت جبل فضله النجوم السواري. فغدا يقول يا سارية الجبل وجرت في نيل منشآته المنشآت الجواري. ولكنها أنعمت بدراري نيل الأمل. الشاب الذي أقعد على الإعجاز صدور الشيوخ. واستفز برزانة كلامه وصرير أقلامه أرباب التمكين والرسوخ. من هو في خلدي. وحق عمه وأبيه بمنزلة عبد الله ولدي. حضرة الأجل الأشيم أحمد عزت أفندي. كان الله تعالى له فيما يسر ويبدي. ومع استغراق أوقاتي بالدعاء لك أيها المولى وجعلي بدل أقواتي الثناء عليك أيها البدر السامي الأعلى. كيف أستطيع شكرك. وأني أكافي مزيد فضلك بمجرد الدعاء لك. وأنت الذي آنستني في وحدتي. وأنسيتني جميع أسرتي في غربتي. وأضأت علي يومي. وكان ظلمات بعضها فوق بعض. وأعدت في جسدي دمي. وكان قد ذهب به قمل الخشب بتوالي المص والعض. فأسأل الله تعالى أن يوفقني لمكافأتك. ويتم سبحانه نعمته علي بعوائد العود إلى ملاقاتك. فأنا لا أكتفي ممن أحبه. بمجرد أن يأتيني في البعد كتبه.

وإن اكتفى غيري بطيف خيالي ... فأنا الذي بوصاله لا أكتفي

ثم أني أرجو من جميل ظرفك. أن تسبل على عوراء نثري ذيل حوراء إغضاء طرفك. فإنه قد تناثر عني لباس النثر منذ أخرجتني من دار السلام يد المحنة. ولم يمهلني سائق سابق القضاء كي أخصف علي من ورق هاتيك الجنة. فبقيت أعرى من أبرة. وكنت أكسى من بصلة بألف مرة. وكذا أرجو نحو ذلك من حضرة عمك. وباقي ذوي قرابتك وقومك. ولولا خوفي أنه يبقى خاطرك ما فهت وأبيك ببنت شفة. ولكنت أعد مقابلة نظمك بهذا النثر محض سفه. فأين خبث الحديد من حجر المغناطيس. وشتان ما بين القتاد وريش الطواويس. وفرق بين منثور الدر. ومنظوم فرائد الدرر. وكم ما بين دندنة الزنبور. ونغمة داود بالزبور. وأين السهى. عن شمس الضحى. وهل تقاس قبة السماء. بفقاقع الماء. ومع علمي بهذا كله قدمت رعاية لخاطرك الخطير. على هذا الأمر الخطير. وخشية فتح حلقك بالاعتراض أختار قلمي على شعور منه هذا التقصير. وعند الضرورات. تباح المحضورات. ونهاية ما في ذهن الجاني مع الكرام. الفوز منهم بالعفو الكامل والسلام.

<<  <   >  >>