ما في الركاب أخو وجد نطارحه ... حديث نجد ولا خل نجاوبه
) فبينما (أنا في ذلك الحال أترقب أن تميط بنان العناية عن لبي قشر البلبال هبت علي من جانب أرزن الروم نسمة نداء عطس منها عرنين فؤادي المزكوم فجعلت أشمشم جيوبها وقد استطيبت هبوبها وأسألها عن مهبها ومعطر أردان ثوبها فقالت مهبي فجر الوفاء ومعطر أردان ثوبي فخر الوزراء) حضرة محمد حمدي باشا (لا أنتعش معاديه ولا عاشا وهو يدعوك للقدوم إلى جنابه الفسيح فإن أردت شرح حواشي صدرك فاركب إليه ولو متن الريح فعندما تحققت ذلك نشرت جناحي وطويت لأجله سباسب المسالك لكني لم أصل إليه إلا بعد مقاساة أخطار وأشرفت غير مرة على أودية تيار حيث غدا معظم سيري على مناطق جبال غدت في الارتفاع معادلة لمنطقة معدل النهار لو رآها راء في منامه لفزع أو تهدد بسلوكها جان من الجان لجزع ولعمري لولا فسحة الأجل لنر أن يقال سلم البائس أو وصل ولصفق على أهل الوداد صفقة المغبون ولا التحقت بألف ألف ألف ألف ألف هالك أو يزيدون ولما حللت مغناه وحققت صورته ومعناه وجدت ما شغلني عن الأهل والوطن وأذهلني عن كل صفي وسكن وإنساني طوق إحسانه الذي طوقنيه هاتيك المناطق وصغر في عيني كبيراً إكرامه الذي أكرمنيه ما عاينته من البوائق وظفرت منه بضالتي المنشودة وبغية نفسي المفقودة:
ونلت مرادي فوق ما كنت راجياً ... وليس ورا ذاك الذي نلت مطمع
) وأرزن الروم (بفتح الهمزة وسكون الراء المهملة وفتح الزاي المعجمة وبعدها نون وهي مضافة إلى الروم بلدة من الخامس من أرمينية وهي آخر بلاد الروم من جهة الشرق وفي شرقها وشمالها منبع الفرات ذات قلعة حصينة في الجملة ودور ظريفة وجوامع جليلة جيدة الهواء شديدة الشتاء وهو فيها ثمانية أشهر. ومن الناس من يقول امتداد شتائها كامتداد صيف بغداد. وأهلها على ما في التقريبات تسعة وسبعون ألفاً. وقال بعض المعاصرين من الجغرافيين أنهم يزيدون على مائة ألف وطولها على ما في الأطوال) سط (وعرضها) ما (وفي الرسم طولها) مو (وعرضها) لطية (وقال ابن سعيد طولها) سد (وعرضها ميل (وفي بعض كتب الجغرافيا لبعض المعاصرين طولها) نطيا (وعرضها) مرا (وأيضاً الصحيح) وفاتحها (عياض بن غنم الأشعري أرسله أبو عبيدة بعد أن فتح الشامات في زمن عمر رضي الله تعالى عنه سنة عشرين بعد الهجرة وهو الذي فتح أيضاً بلاد الأكراد وسعرد وبدليس وما حولها والناس اليوم يسمونها أرضروم وأزروم والأصل ما ذكرناه كما في القاموس وغير كتاب من كتب الجغرافيا. وبالإضافة إلى الروم تميزت عن أرزن غير مضافة فإنها من آخر الرابع من أطراف أرمينية عن خلاط ثلاثة أيام وطولها على ما في الأطوال) سه (وعرضها) لح (وقال ابن سعيد طولها) سو (وعرضها) لطى (ولم يتعرض لها المعاصر لأنها خراب وغير مشهورة ومثلها في الخرابية خلاط المشهورة بين العوام بأخلاط فهي اليوم يتجاوب في نواحيها اليوم وتتناوح في أراجيها الريح السموم. يستوحش فيها الأنيس. ويرثى لمصابها إبليس. ويوشك أن يساويها غيرها في ذلك. لعظم ما قد حل من البلاء لسوء معاملة المأمورين في أكثر الممالك. وفي بعض الكتب أن أرزن الروم كانت تسمى قاليقلا فليراجع.) ومحمد حمدي باشا (هو رجل من رجال إسلامبول. ولد على أيدي قوابل الاعتبار والقبول. وارتضع لبان المجد. وامتهد حجور السعد. حتى ترعرع وبرع. وورد منهل المجرة وشرع. وفاق الأقران. وزاحم منكبه كيوان. فهو اليوم لا يجارى بكرم. ولا يبارى بمحاسن شيم. ذو وفاء وافي. وطبع من كل غش صافي.
أريحي في العلى آثاره ... شامة لاحت على وجه جميل
آصفي الرأي كم أبدى لنا ... في الملمات جواز المستحيل
لم يزل صباً بأبكار العلى ... غير مصغٍ لأحاديث العذول
لا يرى مثلاً له في عصره ... غير آحاد لدى التحقيق حول
ورد بغداد في معية حضرة فاتحة قرآن العرفاء. وخاتمة قرون الوزراء) علي رضا باشا (. كان له رضى مولاه سبحانه غطاءاً وفراشاً. فنلت إذ ذاك تفضله. ورقيت إلى ما رقيت بإخلاصي له. فأنا ربيب نعمته. وغرس أيادي أياديه وهمته.
فها أنا شاكر ما دمت حياً ... أيادي منه لا تجزى بشكر