للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم نزل في حل وارتحال. نفري بطون أودية ونفاق هام جبال. حتى دخلنا في يوم مشهود) سيواس (. فجعل سامري النصب وطالما سامرناه ينادي لا مساس. وهذه البلدة بكسر السين المهملة وسكون المثناة التحتية وفتح الواو وبعدها ألف وسين مهملة وهي بلدة من الخامس وقاعدة أرمينية الصغرى التي كانت تسمى بلاد الروم. وملوكها يلقبون بملوك الروم. والبلد في سهل من الأرض على نهر يقال له) قزل أورماق (يقرب منبعه منها وهي مدينة وسخة ردية البناء شديدة الشتاء بنى لها السلطان علاء الدين السلجوقي عليه الرحمة سور من حجارة فخربه تيمورلنك ملك المغول يوم خربه مع المرحوم السلطان بايزيد العثماني واستيلائه عليه واتفق تاريخ ذلك لفظ) خراب (. وتشتمل اليوم على جوامع وحمامات وأسواق. دون ما كان أولاً حين استولى عليها الطاغية تيمور. ويقال أنها تشتمل اليوم على نحو ألف دار. وقيل على أكثر من ذلك بقليل وهي قليلة الأشجر والثمار. وطولها على ما في الأطوال) سال (وعرضها) مى (وقال ابن سعيد طولها) لطيا (والله أعلم بالصواب. وفيها علماء أفضلهم) جاشغون أفندي (المفتي وهو على كبر سنه أشد حياءً من ذوات الحجال. وعلى قلة ذات يده أكرم من ابن مامة وابن سعدي بين الأمثال. وفيها وجوه أوجههم من زمرة العلماء. رجل يقال له) أوليا أفندي (كان مفتياً فترك باختياره الإفتاء. حيث رأى الابتلاء بذلك من مر القضاء. فهو اليوم في ذلك البلد. محترم مكرم عند كل أحد. ذو خلق ألطف من النسيم. وفكاهة ألذ من التسنيم. ولباس كلباس الشيوخ. غير أنه ليس له مثلهم فخوخ. فكأنه أحد الأولياء. في هاتيك الأرجاء. وأوجههم من سائر الناس. ذو الذهن المزري بالنبراس. صاحب الأخلاق الحسان. حر النفس) عبدي أفندي (خواجكان. وهو الذي نزلت في داره العامرة. فكانت سحب هممه بوابل المسرة لي غامرة. رأيته ينشد بلسان حاله. وشفتي فضله وأفضاله.

وإني عبد الضيف ما دام نازلاً ... وما شيمة لي غيرها تشبه العبدا

) وبقيت (هناك خمسة أيام. ثم توجهت جهة مقصدي بسلام. وقد أثقل ركابي ببره. فخر وزراء عصره. فخرجت من عنده وكل شيء عندي. ولذا قرت عليه بعد الله عز وجل حمدي.

وإن أنا لم أشكر لنعماه جاهداً ... فلا نلت نعمي بعدها توجب الشكرا

ولم أزل أحث العملات. حتى أتيت مدينة) توقات (. وهي على ما ف أوضح المسالك بضم التاء المثناة من فوق وسكون الواو وفتح القاف ثم ألف وتاء مثناة كالأولى بلدة صغيرة في الروم من الخامس في لحف جبل من تراب حمر انتهى. وذكر الشيخ رفاعة الطنجاوي في التقريبات أن أهلها مائة ألف. وقال بعض الجغرافيين من الروم المعاصرين أنهم يقربون من ذلك وتصنع فيها آنية النحاس وتحمل منها إلى كثير من البلاد لجودتها وبجوارها يخرج العنب الجيد وفاكهتها كثيرة وطولها على ما في الأطوال) سال (وعرضها) ماي (وكثير من الناس يقولون طوقات بالطاء أولها وبعضهم يبدل التاء آخرها دالاً والأصل الصحيح ما ذكرناه ومعظم أهلها أهل حسد ودناءة. وارتكاب ورداءة. وليس بين سكنتها اليوم في مكارم الأخلاق مثل) خان أفندي (وأصله من أهل غازي قمق هاجر من بلده فسكن بعد اللتيا والتي بينهم في ذلك المغنى. فهو لعمري هناك غريب حساً ومعنى. وأرداهم طبعاً. وأكثرهم للمساوي جمعاً. مفتٍ فيها اسمه أحمد. فقد أطفئ بصرصر أخلاقه نور الإفتاء وأخمد. وقد أحسست منه بكبر وحسد. وغل وحقد. وعجب ومكر. وجبن وبخل وشر.

مسا ولو قسمن على الغواني ... لما أمهرن إلا بالطلاق

<<  <   >  >>