للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

) واتفق (أن ذهبت يوم دخلت إلى جامع لاستماع الوعظ. فوقعت على واعظ كبا به جواد الحظ. فأضخت بعد أن قعدت حيث يسمع قوله. فإذا هو يقرأ خبر سبعة يظلهم الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله. فغلط والله في لفظ الخبر. سبع غلطات أو أكثر. وقبل الشروع في التفسير والتأويل. ذكر حديث دنو الشمس من رؤوس الخلائق في المحشر قدر ميل. ثم قرر ما قرر. وأجرى من عيون المستمعين العبر. وبعد أن ختم. وقبلت منه اليد والقدم. تقدمت إليه. وسلمت عليه. وقلت يا سيدي. أنا مستفيد فأفدني. كيف يكون للعرش ظل والشمس دونه. على ما يقرره المحدثون ويذكرونه. فاصفر وجهه وتلعثم. وجعل يلوك بلحييه ولا يستطيع أن يتكلم. فعدا على من أقصى الجامع رجل قصير. فقال لي ألست تؤمن بأن الله تعالى على كل شيء قدير. فقلت بلى. أنا مؤمن بقدرته على جميع الممكنات جل وعلا. فقال إذن يلزمك أن تؤمن بأن للعرش ظلاً على الأرض. وإن اقترن به عامل الرفع واقترن بالشمس عامل الخفض. وأمر الآخرة غريب. بل كل شأنها عجيب. ثم أكثر الهراش علي. فجعلت أعدو والتفت مخافة أن يعض رجلي. وسألت عنه فقيل لي هو أمين الفتوى. وأنه شرير عديم التقوى. فقلت وافق شن طبقة. وسبحان من أتقن كل شيء خلقه. وهذا السؤال مشهور. وهو في كتب الحديث مسطور. وقد أشار إلى جوابه المناوي في شرحه الكبير للجامع الصغير. فقال أضاف الظل إلى العرش لأنه محل الكرامة. وإلا فالشمس وسائر العالم تحت العرش ليس شيء فوقه يظل منه انتهى. وجوز أن لا يراد بالظل حقيقته بل الحماية. والإضافة إلى العرش لتعظيم شأنه. وكذا جوز أن يكون الكلام خارجاً مخرج الاستعارة التمثيلية ويراد أيضاً الحماية والحفظ من أهوال يوم القيمة فتأمل. وقد نظم أبو شامة معنى الحديث فقال:

وقال النبي المصطفى أن سبعة ... يظلهم الله العظيم بظله

محب عفيف ناشئ متصدق ... وباك مصل والإمام بعدله

<<  <   >  >>