وقد حضرت مجلس دعاويه المرة بعد المرة. فرأيته لا يخرج عن دائرة الشريعة الغراء قيد شعرة. واستمر في منصبه عدة سنين. وعزل عنه أثناء السنة التاسعة والستين. وهو اليوم في مغناه. مشغول بعبادة مولاه. يسر الله تعالى له ما هو الأولى والأحرى. وستره سبحانه في الأولى والأخرى.) واتفق (أني سمرت معه في بعض الليال. مع جملة أحبة ذوي فضل وكمال. وكان قد بلغه عني إنكار على الشيخ الأكبر. وغض طرفٍ عن ذلك النور المجسد الذي لا ينكر. فقال ما تقول في الشيخ الأكبر محيي الدين. فقلت الشيخ الأكبر محيي الدين. فأعجبه الجواب جداً. وقال إذا أنكرت. ثم ذكرت من شؤون الشيخ قدس سره ما ذكرت. وأنشدت آخر المقال. قول الفاضل المفضال. ذي الأدب العبقري. عبد الباقي أفندي العمري. من قصيدة قالها في مدح الشيخ المشار إليه. لا زالت سحائب رحمة الله تعالى ورضوانه منهلة عليه.
ينكر المرء منه أمراً فينها ... هـ نهاه فينكر الإنكارا
فعجب غاية العجب. وقال مثل هذا يكتب بماء الذهب. وأنا الآن أقول. غير مبال. بمنكر ذي فضول. أن الشيخ قدس سره لا شك في جلالته علماً وعملاً. وأن عنده وكذا عند أمثاله لكلامه المتشابه من أحسن المحامل محملاً. لكن أنا لا أعلم ما ألتزمه في شأنه من شر التدوين. مع ظهور أنه سبب قوي لضلال كثير من ضعفاء المسلمين. وقياسه على متشابه الكتاب والسنة. قياس لا يرتضيه إذا أمعن النظر ذو فطنة. وكذا لا أعلم سر تأخير النبي صلى الله عليه وسلم تبليغ ما في الفصوص. عن زمان تبليغ ما أوحي إليه عليه الصلوة والسلام من النصوص. إلى أن يأتي الشيخ الأكبر بعد نحو ستمائة سنة بعد الهجرة. فيناولها إياه في المنام ويقول له اخرج بها إلى الناس فخرج بها غير مغير منها مقدار ذرة. وليس مرادي من هذا نفي السر في نفس الأمر. فذلك عين الإنكار الذي هو أدهى وأمر. بل مرادي مجرد نفي علمي به. مع تسليم أن له سراً هو معلوم لدى صحبه.) وبالجملة (أنا معتقد جلالة قدره. مفوض سائر أحواله إلى عالم جهره وسره. ويأبى الله تعالى أن أخوض في حقه كما خاض المنكرون. فذاك فضول لا ينبغي أن يرتكبه العالمون. وهذا ما أدين به الملك الديان. غير مداهن به أحداً من كبراء الزمان.
وما علي إذا ما قلت معتقدي ... دع الجهول يظن السوء عدوانا
) ومنهم حضرة ذي الخلق العطر الندي. مرضي الخالق والخلق رضا أفندي (. وهو فتى استحال تواضعاً وديانة. وتجسد نجابة وعفة وصيانة. له دين متين. وعقيدة قوية بالصالحين. وحب عظيم لأهل البيت. وغرام جسيم شامل للحي منهم والميت. أصله من أهل بروسا. من قوم طابوا فعالاً وزكوا نفوساً. ولقد رأيت أباه شريف أغا في الصلاح غاية. وفي رقة القلب نهاية. حتى أنه ليبكي متى سمع حديثاً أو آية. وقد استخدم المشار إليه مدة فيما بين. فقرت منه بالأنظار الخاقانية العين. ثم صار ناظر أوقاف همايون. فقرت به من الجوامع والمدارس والتكيات العيون. ثم صار أمين الدفتر. وهو بالأمانة أشهر من أن يذكر. ثم انضم إلى ذلك أن جعل أحد أعضاء مجلس الأحكام. وله مع ذلك من الأنظار المجيدة المجيدية أوفر السهام. وقد اقترح علي أن أصحح له الشفاء الشريف. فصححته له رعايةً لسابق فضله المنيف. ثم طلب مني الإجازة به فأجزته. وهذه صورة ما كتبته وحررته: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أجاز بالشفا. من أمراض النفس والهوى. من راعى حقوق المصطفى وواصل حبه وما جفا. والصلوة والسلام على ذلك الحبيب الأعظم. والمظهر الأتم. والنور الأعم. والسر المطلسم. وعلى آله وأصحابه القائمين بحقه. والكارعين كؤوس أخلاقهم من دنان خلقه.) أما بعد (فقد استجازني بالشفا. بتعريف حقوق المصطفى. صلى الله تعالى عليه وسلم. وشرف وعظم وكرم. الأخ المثابر على التخلق بالأخلاق الأحمدية. والمجد في السير فيما يجاز به المجد من الأفعال المرضية المصطفية. الذي هو أعز أخوتي عندي.) أبو المحامد حضرة رضا أفندي (. لا زال ملحوظاً بعين الرضا عند مولاه. ومحفوظاً من كل مكروه في أخراه وأولاه. فاعتذرت بأني عيبة العيوب. وأني لست بأهل لهذا الأمر المطلوب. فلم يقبل عذري. وأجل لحسن ظنه قدري.
وعين الرضى عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا