) ومنهم حضرة قرة العين ونزهة الفؤاد. مولانا أحمد شكري أفندي (القاضي الأسبق ببغداد. وقد اشتهر بيوسفجق زاده. لا زال طائر صيته مغرداً على أفنان السعادة. وهو فتى كمل لطفاً. وذاب ظرفاً. ما حاز قاض فضله. ولا رأى في سجل محكمة مثله. جاء إلى بغداد زمن المرحوم علي باشا. فزادت به سروراً وانتعاشاً. ونادت لله تعالى شكري. وله حمدي في سري وجهري. وقد أحق الحق. وأبطل الباطل ومزق. وأبكى الطغام. وأضحك الكرام. وأوحش الأحياء الظالمين. وآنس الأيتام المظلومين. وأرضى الفقير. وأسخط الأمير. ومكث سنتين ثم خرج. وحظي لسمو حظه بمرتبة مخرج. ثم لم تزل له المقاصد ميسرة. حتى تنور قلبه بنيل قضاء المدينة المنورة. وقد اجتمعت به مراراً. فلم أحس منه بمقدار ذرة استكباراً. بل رأيته في كل ناد. أشد تواضعاً منه يوم كان في بغداد.) واتفق (أن دعاني في دار له قوراء. ودعا معي جملة من أجلة العلماء. فسألوني عن وجه الثواب في ذبح القرابين بحكم العقل. مع أن الذبح إيلام محض وليس لسابق جناية ولا للاحق ثواب جل أو قل. ومن أولئك الأجلة. من أحب بسط الكلام في الجملة.) فقلت نعم (الذبح إيلام محض. ولا عبرة بما يخالف هذا مما ذهب إليه البعض. وذلك أن البكرية ذهبوا إلى أن البهائم والأنعام. لا يصيبها أصلاً وقطعاً شيء من الآلام. وقد كابروا في ذلك المحسوس والمعقول. كما لا يخفى على أدنى العقول. والتناسخية زعموا أن أرواح البهائم. كانت في أبدان أشرف قبل انتقالها إلى أبدان البهائم. فانتقلت منها إليها لتعذب على ما اقترفت هناك من المآثم والجرائم. فالذبح عندهم لجريمة اقترفتها. وأثيمة في سابق وطنها ألفتها. والتزموا على هذا أن البهائم. مكلفة عالمة بأن تلك الآلام جزاء الجرائم. وذلك لتتصور الأنز جار عما فعلت. إذا انتقلت أرواحها إلى أشرف من أبدانها وتحولت. والتكليف في زعم بعض منهم كان ابتداءً أول زمن الخلق والتقدير. وفي زعم آخرين كان في ذلك الوقت ولكن بعد التفويض والتخيير. ومنهم من زعم أنه ما من جنس من أجناس إخوانهم البهائم. إلا وفيهم نبي مبعوث من ذلك الجنس يعرفهم الطاعات والمآثم. ولا يختص الزاعم بالتناسخية. فقد نسبه بعض المشايخ إلى بعض الصوفية. محتجين) يوماً من دابةٍ في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم (مع) وإن من أمةٍ إلا خلا فيها نذير (وذهب السادة الحنفية وغيرهم في حق من يقول بهذا القول المستهجن إلى التكفير. مع أنه أمر خطير. وللتناسخية مذاهب. تشيب في نقلها للقلم ذوائب. وورد كل ذلك بين العلماء مشهور. وفي كتب الكلام المبسوطة مسطور. وذهب العلاف والجبائي وكثير من متقدمي المعتزلة إلى أن في مقابلة ذلك الإيلام. عوضاً دائماً غير منقطع يناله الحيوان غداً في الجنة دار السلام. ومن المعتزلة من قال بالعوض في الآخرة على تلك المحنة. لكنه إنما يكون ولا بد في غير الجنة. ولهم كلام طويل في هذا الباب. نخشى أن يضيق بنقله خناق هذا الكتاب. ومثار نقع الخلاف في البين. القول المشهور بالحسن والقبح العقليين.) فنقول (مما نحن فيه. مخرجين له مخرج التنبيه. إن الأشياء إن خلت عن ذينك الأمرين. وعرت عن الحسن والقبح الذاتيين. فله سبحانه أن يخص فعل شيء بثواب. وفعل آخر مثله بعقاب. لا لمعنى يقتضيه. ولا لأمر يستدعيه. وله عز وجل أن يثيب على جزيل قليلاً. وعلى قليل جزيلاً. بل له سبحانه وإن لم يفعل. أن يعاقب المطيع وينعم على العاصي ويتفضل. ويقال أن أفعاله لا تعلل بالأغراض. وليس للمملوك على مالكه الحقيقي حق الاعتراض. وعلى هذا لا وجه لقول القائل ما وجه الثواب إلى آخر ما قال. ولا حاجة في الجواب إلى تكلف قيل وقال. وإن لم تخل عن ذلك فنقول أن الأمر والنهي كاشفان عما هنالك. على معنى أن ذلك الشيء لو لم يكن حسناً لما أمر به. وأن ذلك الشيء لو لم يكن قبيحاً لما نهى عنه. وأما أن وجه حسنه كذا أو أن وجه قبحه كذا فأمر قد يعلم وقد لا يعلم. ومتى لم يعلم قيل في جواب السؤال عنه الله أعلم. وعلى هذا فيقال أن ذبح القرابين حسن. وإن كان بحسب الظاهر من قبيل المحن. وأنه ليس لسابق جريمة. ولا ليكون سبباً للاحق نعمة عظيمة أو غير عظيمة. والله تعالى بوجه حسنه أعلم. ومن فضل من لا يعلم أن يقول لا أعلم. والثواب الزائد يحتمل أن يكون كله جزاء منه عز وجل. ويحتمل أن يكون بعضه جزاء