وبعضه منه تعالى محض فضل. وتخصيص فضيلة إراقة الدم في أزمنة مخصوصة. وأمكنة معروفة منصوصة. نعتقد اشتماله على أسرار وحكم. ولكنا نقول الله سبحانه وتعالى هو الأعلم. وربما يقال في جواب السؤال أن وجه حسن الذبح لما لم يكن بظاهر. وكاد أن لا يعرفه إلا الآمر. وكان فعله مشقة على النفوس البشرية. لمشاركة الذبيح لها في الجنسية. ولذا ترى بعض الناس لا يقدر أن يشاهد رجلاً يذبح عصفوراً. فضلاً عن أن يذبحه بيده إلا أن يكون مجبوراً. ومع ذا قدم المأمون بذلك الذبح وفعله امتثالاً للأمر. وإن جر له بسبب المشاركة الجنسية المقتضية للرقة القلبية ما جر. اقتضى فضل الله تعالى مزيد الثواب. لذلك الذابح الممتثل يوم الحساب. وهذا نظير ما قيل أن الثواب على الأمور التعبدية. أكثر منه على غيرها من سائر الأمور الشرعية. إذ لا داعي هناك على الفعل إلا الامتثال. هذا والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.) فقال (بعض أولئك الأحباب. جزيت خيراً زدنا في الجواب. فعدت) وقلت (هل من يسأل. معتقد حسن ذبح الحيوان ليؤكل. فقالوا نعم. فقلت إذاً وجه كثرة الثواب الإيثار باللحم. فإن قلتم دل بعض ما صح. على أن الثواب على نفس الذبح. فلو تصدق بالشاة مثلاً حية على مستحقها. لم يثب على ذلك مثل ثوابه على نفس ذبحها. قلت أعود حينئذ فأقول لعل وجه ذلك كونه أمراً شاقاً من البشرية. وقد فعله المأمور ابتغاءً لرضاء الله تعالى وامتثالاً لأوامره العلية. فقال بعضهم هذا مقبول. وأمر معقول. لكن نسألك لو قلنا بأن للقرابين على هذا الإيلام. جزاءً يكون لها غداً يوم القيام. هل نكون مصادمين لنص من النصوص المشهورة. أو منكرين لأمر علم كونه من الدين الحق بالضرورة. فقلت لا نكون كذلك. ولعل في كلام بعض أهل السنة ما يشعر بما هنالك. فقد قال الشيخ الأكبر. قدس سره الأنور. في الباب الثلاثمائة والواحد والسبعين من فتوحاته المكية أن الله تعالى إنما يحشر الوحوش إنعاماً منه عليها وكذلك سائر الدواب ثم أنها تكون تراباً ما عدا الغزلان وما استعمل من الحيوان في سبيل الله تعالى فإنهم يدخلون الجنة على صور يقتضيها ذلك الموطن وكل حيوان تغدى به أهل الجنة خاصة في الدنيا اه.