أخذ العَبَّاس للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم العهد من الأنصار ليلة العَقَبَة، ثمَّ هاجر وشهد مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يوم حَنيْن، فلم يكن لأحد فيه من البلاء ما كان له ولأهل بيته. وكانت للمسلمين جولة، فلم يفارق النَّبيِّ صلَّى الله عليه، وصاح بالنَّاس فأسمع الفريقين، والمسلمون يومئذٍ اثنا عشر ألفاً. فثاب إليه المسلمون، وأنزل الله نصره على نبيِّه صلَّى الله عليه.
وكان عطاء العَبَّاس رضي الله عنه أثنى عشر ألفاً، وأعطيه المهاجرين أربعة آلاف.
واستسقى به عُمَر بن الخَطَّابِ رحمه الله عام الرَّمَادَةَ، وكان عاما هلكت فيه العرب، صاروا فيه رمادا، فلذلك سُمِّي عام الرَّمادة، لشدَّته. فمدّ العَبَّاس يده، ومدّ عُمر يده مع يده تلقاء السَّماء. ثمَّ قال عمر: الَّهمَّ هذا عمُّ نبيِّنا صلَّى الله عليه، نَتقرَّبَ به إليك في هذه الغداة، فاسقنا به، فسقوا أقلاد الزَّرع في كلِّ ثمانية أيَّام يوما حتَّى أحيوا.
وعَبدَ الله بن عَبَّاس، دعا له رسول الله صلّى الله عليه وسَّلم أن يُعلِّمهُ التأويل. فكان أفقه النَّاس وأعلمهم. وكان مُناد يُنادي بمكَّة: من يريد العلم اللَّحم فليأت منزل عَبْدَ الله بن عَبَّاس.
قال مُؤرِّج: حدَّثنا سُفيان بن عُيَيْنَةَ بإسناده قال: قال رسول الله صلّى الله عليه للعبَّاس في الشعب: إنَّ الله قد رزقك حملاً، وهو غُلام يُؤمن بالله ورسوله واليوم العظيم.
وقال عَبْدَ الله بن عَبَّاس: نمت عند خالتي مَيْمُونَةَ بنت الحارث بن حَزْنَ، وكانت عِند رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقام إلى شنة مُعلبَّة فتوضَّأ، ثمَّ قام يصلِّي، وقمت إلى الشنَّة فتوضَّأت، وجئت فقمت عن يساره، فأخلف يده لي إلى الشَّقِّ الأيمن، فصلَّيت إلى جنبه نافلة.
وكان عَبْدَ الله يُدعى حَبْرَ هذه الأمَّة.
وبلغني أنّ عَبْدَ الله أبصر رجلا فأخبر النَّبيِّ صلَّى الله عليه أنَّه أبصره قال: قد أبصرته؟ أمَّا إنَّك ستفقد بصرك.
قال مُؤرِّج: وحدَّثني سَعيد بن سِمَاك بن حَرْبِ قال: قيل لأبي: تحزم عينك وتدع السُّجود أيَّاماً. فقال: لا حاجة لي بذاك. عرض ذاك على عبد الله بن عَبَّاس فأبى.
فولد عبد الله بن عَبَّاس العبَّاس، وبه كان يُكنى، وعليَّاً، وعُبَيْد الله ومُحَمَّدَاً، والفَضْلَ دَرَجَ.
ولُبَابَة وزَيْنَب، أمُّهم: زُرْعَة بنت مَشْرَح بن مَعْدَي كَرَبِ بن وَلِيعَةَ بن مُعَاوية بن حُجْرِ بن الحَارِث بن عَمْرَو بن مُعاويَة بن الْحَارِث بن ثَورِ بن مُرَتّعٍ، من كِنْدَةَ.
وكان عليَّ بن عَبْدَ الله بن عَبَّاس سَيِّد قُريش.
قال مُؤرِّج: وسُمعتً جَعْفَرَ بن سُلَيْمَانَ يقولُ: كان عليُّ بن عبد الله يُصلِّي في اليوم واللَّيلة ألف ركعة نيِّفا وخمسين سنة.
فولد عليَّ بن عبد الله بن عَبَّاس: مُحَمَّداً، أمُّه: العاليةُ بنت عُبَيْد الله بن عَبَّاس بن عبد المُطَّلِبِ، وأُمُّها: عَائِشةَ بنتُ عبد الله بن عبد المَدَانِ بن الدِيّانِ، من بني الْحَارِث ابن كَعْبٍ. وبَقيِّة ولده لأمَّهات أولاد.
سُلَيْمَانُ بن عليّ وصَالِحُ بن عليّ، لأمّ.
وكان سُلَيْمَانُ بن عليّ ناسكاً من أحسن النَّاس سيرة، ولي البصرة وأعمالها.
وَصَالِحُ بن عليّ الَّذي اتَّبع مَرْوَانَ بن مُحمَّد إلى مصر، وقتلته خيله.
وعيْسَى بن عليّ ودَاودُ بن عليّ، لأمّ.
ودَاود بن عليّ أقام الحجَّ سنة اثنتين وثلاثين ومئة، وهي السَّنة الَّتي بوبع فيها أبو العَبَّاس عبد الله بن مُحمَّد بالخلافة.
وإسماعيل بن عليّ وعبد الصَّمَد بن عليّ، لأمّ.
وعبد الله بن عليّ وإِسحاقُ ويعْقُوبَ وأحمَدُ وأُمَيْنَة وأُمُّ عيسى ولُبابة، لأمَّهات أولاد.
وأمُّ حَبيبٍ أُمُّها: أمّ أبيها بنت عبد الله بن جَعْفَر ابن أبي طالب.
وكلُّ بني عليّ ولي ولاية عظيمة.
فولد مُحمَّدُ بن عليّ: عبد الله المنصور، وعبد الله أبا العَبَّاس: أُمُّه: رَيْطَة بنت عُبَيْد الله بن عبد الله بن عبد المَدَان بن الدَيَّان، وهي أمُّ داود وعائِشَة وآمِنَة بني مُحمَّد ابن عليّ.
وإبَراهيم ومُوسى وإسماعيل وعَبَّاساً وأمَّ حَبيبٍ وأمَّ إبْرَاهيم وأُمَّ عبد الله وأُمَّ مُوسَى ولُبَابة وفَاطِمَة، لأُمَّهاتِ أولادٍ.