قال ابن الكلبي خطب دريد بن الصمة، خنساء بت عمرو، فبعثت جاريتها إليه فقالت: انظري، إذا بال يقعر أم يبعثر؟ قالت الجارية: بل يبعثر، فقالت: لا حاجة لي فيه.
ولبعضهم هو أبو تمام: [الكامل]
أحلى الرجال من النساء مواقعاً ... من أشبههم بهن خدودا
آخر: [البسيط]
أرى شيب الرجال من الغواني ... بموضع شيبهن من الرجال
آخر:
كفى لذي الشيب ذنباً عند غانية ... وبالشباب شفيعاً أيها الرجل
وقيل كانت لبعض الأعراب امرأة تشاوره، وتؤذيه، وقال قد أسن وامتنع عن النكاح، فقال له صاحبه أما نصلح بينكما؟ قال: لا، قال له: ولمَ؟ قال: لأن لذي كان يصلح بيننا قد مات. يعني ذكره.
عوتب بعضهم على ترك لحيته بيضاء، فقال: [الوافر]
وقائلة لي اخضب فالغواني ... نوافر عن ملاحظة الفتير
فقلت لها الفتير نذير عمري ... ولست مسوداً وجه النذير
قال العتبي حدثني أبي عن الحكم بن صخر الثقفي قال: خرجت حاجاً متخفياً، فلما كنت ببعض الطريق لقيتني جاريتان من بني عقيل لم أر أحسن منهما وجهاً، ولا أظرف ألسناً، ولا أكثر علماً فقصدت لهما يومي وكسوتهما، ثم حججت من قابل معي ومعي أهلي، وقد أصابتني علة نصل حضابي، فلما صرت إلى ذلك الموضع، إذ أنا بإحداهما قد دخلت علي، فسألتني مسألة منكر، فقلت فلانة، فقالت فداك أبي أو تعرفني، وأنكرك؟ فقلت: أنا الحكم بن صخر، قالت إني رأيتك عام أول شاباً سوقة، وأراك العام شيخاً ملكاً، وفي دون هذا ما ينكر المرء صاحبه. قلت: فما فعلت أختك، قالت: تزوجها ابن عم لها وخرج بها إلى أضاح، فذلك حين أقول: [الطويل]
إذا ما قفلنا نحو نجد وأهله ... فحسبي من الدنيا قفول إلى نجد
فقلت لو أدركتها تزوجتها، قالت: فما يمنعك من شقيقتها في حسنها ونظرتها إلى جمالها، تعني نفسها، قلت بمعنى كثير: [الطويل]
إذا وصلتنا خلة لي يزيلنا ... أبينا وقلنا الحاجبية أول
قالت وكثير بيني وبينك أليس هو القائل: [البسيط]
هل وصل عزة إلا وصل غانية ... في وصل غانية من وصلها خلف
قال: فسكت عن جوابها.
حكى الأصمعي عن بعض أشياخ أهل البصرة: أن رجلاً وامرأته اختصما إلى أمير من أمراء العراق، وكانت المرأة حسنة المتنقب، قبيحة المسفر، وكان لها إنسان فكأن الأمير مال معها، فقال يعمد أحدكم إلى المرأة الكريمة، فيتزوجها، ثم يسيء إليها، فأهوى روحها، فألقى النقاب عن وجهها، فقال الأمير: لعنة الله كلام مظلوم، ووجه مظلوم.
وقال أعرابي يذم امرأة لها جسم برغوث وساق بعوضة ووجه كوجه القرد بل هو أقبح:
لها جسم برغوث وساق بعوضة ... ووجه كوجه القرد بل هو أقبح
تبرزق عينيها إذا ما رأيتها ... وتعبس في وجه الضجيج ويكلح
وتفتح لا كانت، فما لو رأيته ... توهمته باباً من الدرب يفتح
وما ضحكت في القوم إلا صننتها ... أمامهم كلباً يهر ويسنح
إذا عاين الشيطان صورة وجهها ... تعوذ منها حين يمسي ويصبح
وقد أعجبتها نفسها فتملحت ... بأي جمال ليت شعري تملح
ورأى أعرابي امرأة في شارة وهيئة، فظن بها جمالاً، فلما أسفرت إذا هي غول، فقال: [الطويل]
فأظهرها ربي بمن وقدرة على ... ولولا ذاك مت من الكرب
فلما بدت شحت من قبح وجهه ... وقلت لها الساجور خير من الكلب
قال عبد الملك بن عمير: قدم علينا الأحنف بن قيس الكوفة مع مصعب بن الزبير، فما رأيت خلة تذم إلا ورأيتها فيه، كان أصلع الرأس متراكب الأسنان أشدق، مائل الذقن، ناتئ الجبهة، ماحق العين، خفيف العارضين، أحنف، ولكنه كان إذا تكلم جلا عن نفسه، وقال له رجل يوماً (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه) .
فقال له: وما ذممت مني يا ابن أخي، الدمامة وقصر القامة، ثم قال له: لقد عبت علي ما لم أومر فيه.
قيل لإياس بن معاوية بن قرة: فيك أربع خصال: دمامة، وكثرة كلام، وإعجاب بنفسك، وتعجيل بالقضاء، قال: أما الدمامة، والأمر فيها إلى غيره لم يكن من صنعتي، وأما كثرة الكلام فبصواب أتكلم أم بخطأ قالوا بصواب قال: فالإكثار من الصواب أمثل، وأما إعجابي بنفسي أفيعجبكم ما ترون مني؟ قالوا: نعم، قال: فإني أحق أن أعجب بنفسي.