وطرق الأوراد والذكر , التي نقلناها آنفا من المتصوفة الكبار وأقطاب هذه الطائفة وأعلامها.
وأما قضية وحدة الوجود والحلول والاتحاد , المقائد التي نادى بها الحلاج وابن عربي وجلال الدين الرومي وغيرهم ممن سلك مسلكهم , ونهج منهجهم. فلم يشك أحد في كونها مأخوذة مقتبسة بتمامها من (فيدانتا) الهندية.
ومن قرأ آراء شري شنكر أجاريا في فلسفة (فدانتا) عرف جيدا أنها عين ما قاله الحلوليون والاتحاديون وأصحاب وحدة الوجود , وأن ما بيّنه شنكر , وفصّل القول فيه في شرح فلسفة وحدة الوجود أو فيدنتا هي التي توجد في كتب الوجوديون بكلياتها وجزئياتها.
وأكثر من ذلك تعرض تعاليم شنكر أجاريا وتقرأ مكتوباته على من قرأ كتب ابن عربي , وشارحه ابن الفارض , ومفسره في العجم جلال الدين الرومي , لم يستطع التفريق في مقولاتهم ومكتوباتهم , وحتى الأسلوب والمنهج والتعبير وبيان الطرق الموصلة إلى حصول المعرفة والإدراك.
وبذلك اعترف صوفي كبير من شبه القارة الهندية الباكستانية , وكاتب شهير في تعاليم التصوف وتاريخه أن مسلك وحدة الوجود بمعنى أنه لا موجود في الحقيقة إلا الله , وأن وجود الممكنات وهميّ مثل الشعلة التي تظهر بتحريكها سريعة دائرة وهمية , يظنها الناظر دائرة حيث لا يكون لها وجود حقيقة , بل حركة الشعلة بسرعة هي التي أوهمت الناظر بوجودها , فكذلك الكون والممكنات. فهذا مسلك شري شنكر أجاريا , الذي أسسه وأوضحه في شروحه لأوينشد , وأخذ منه هذه الفلسفة من المسلمين (حضرة الأقداس إمام العرفاء محي الدين ابن عربي , والمعروف بالشيخ الأكبر).
كما أنه تأثر بفلسفة حكماء المغرب مثل اسنبوزا , لائبنز , فخته , هيجل , شوين هاور , باذنكويت , وبردليه , كما أن الشهوديين من المسلمين أخذوا فلسفة وحدة الشهود أيضا من العرفاء الهندوكيين. وهذا المسلك مأخوذ من رام نوج أجاريا أحد شراح اوبنشاد الأربعة المعروفين (١).
فالديانات الهندية هي المصدر الآخر للتصوف الذي راح بين المسلمين ,
(١) انظر تاريخ تصوف ليوسف سليم جشتي ص ٣٠ وما بعد ط مجمع العلماء أوقاف لاهور ١٩٧٦ م.