رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} وقال تعالى {ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين} فالإيمان بما جاء به النبيون مما أمرنا أن نقوله ونؤمن به وهذا مما اتفق عليه المسلمون أنه يجب الإيمان بكل نبي ومن كفر بنبي واحد فهو كافر ومن سبه وجب قتله باتفاق العلماء وليس كذلك من سوى الأنبياء سواء سموا أولياء أو أئمة أو حكماء أو علماء أو غير ذلك فمن جعل بعد الرسول معصوما يجب الإيمان بكل ما يقول فقد أعطاه معنى النبوة وإن لم يعطه لفظها ويقال لهذا ما الفرق بين هذا وبين أنبياء بني إسرائيل الذين كانوا مأمورين باتباع شريعة التوراة وكثير من الغلاة في المشايخ يعتقد أحدهم في شيخه نحو ذلك ويقولون الشيخ محفوظ ويأمرون باتباع الشيخ في كل ما يفعل لا يخالف في شيء أصلا وهذا من جنس غلو الرافضة والنصارى والإسماعيلية تدعي في أئمتها أنهم كانوا معصومين وأصحاب ابن تومرت الذي ادعى أنه المهدي يقولون أنه معصوم ويقولون في خطبة الجمعة الإمام المعصوم والمهدي المعلوم ويقال أنهم قتلوا بعض من أنكر أن يكون معصوماً ومعلوم أن كل هذه الأقوال مخالفة لدين الإسلام للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها فإن الله تعالى يقول {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول} الآية فلم يأمرنا بالرد عند التنازع إلا إلى الله والرسول فمن أثبت شخصا معصوما غير الرسول أوجب رد ما تنازعوا فيه إليه لأنه لا يقول عنده إلا الحق كالرسول وهذا خلاف القرآن وأيضا فإن المعصوم تجب طاعته مطلقا بلا قيد ومخالفه يستحق الوعيد والقرآن إنما أثبت هذا في حق الرسول خاصة قال تعالى {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم اله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} وقال {ومن يعص الله ورسوله فإن له
نار جهنم خالدين فيها أبدا}. فدل القرآن في غير موضع على أن من أطاع الرسول كان من أهل السعادة ولم يشترط في ذلك طاعة معصوم آخر ومن عصى الرسول كان من أهل الوعيد وإن قدر أنه أطاع من ظن أنه معصوم فالرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي فرق الله به بين أهل الجنة وأهل النار وبين الأبرار والفجار وبين الحق والباطل وبين الغي والرشاد والهدى والضلال وجعله القسيم الذي قسم به عباده إلى شقي وسعيد فمن اتبعه فهو السعيد ومن خالفه فهو الشقي وليست هذه المرتبة لغيره ولهذا اتفق أهل العلم أهل الكتاب والسنة على أن كل شخص سوى الرسول فإنه يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يجب تصديقه في كل ما أخبر وطاعته في كل ما أمر فإنه المعصوم