للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عواذلي مستحله ... والحب للمرء ذله

لي فيه أسوة عنتر ... لما أذلته عبلة

جسمي براه السقام ... ولم أجد لي طبيبا

ودمع عيني انسجام ... وقد ألفت النحيبا

وليس قتلي حرام ... إذ لا أرى لي حبيبا

انى لمن نال قبله ... تبري جوادا وغله

ان كان من مات يعذر ... فالعذر للصب قتله

أمسيت في الناس فردا ... مالي صديق ودود

أفنى اشتياقا ووجدا ... ثم اشتياقي يزيد

أروم للحب قصدا ... وذاك مني بعيد

لابد من وشك رحله ... تطفي من القلب شعله

لعل من لا تصور ... يرد للقلب وصله

حبي ويا نور عيني ... وغايتي ومرادي

إليك أشكو أنيني ... وما تقول الأعادي

ويلاه قد عايروني ... بوحدتي وانفرادي

كساني البين حله ... ألا يني منه أله

ثوبا من السقم اصفر ... لبست والحمد لله

[-١٨-]

استخفني طربا، وجدد لي في هذا الفن أربا، وجعل بيني وبين الدخول في هذه الزمرة نسبا، فآثرت معارضته بشرط التزام اللام المشددة والجناس، فقلت:

هويته بدر كله ... تملك الحسن كله

وثقف القد أسمر ... وصارم الجفن سله

أفديه من بدر تم ... له القلوب منازل

يغزو الفؤاد بسهم ... من طرفه إذ يغازل

جد السقام بجسمي ... في حبه وهو عازل

لو سد صبري خله ... حمدتها منه خله

لكن وجدي تكثر ... وفي التصبر قله

جبينه للصباح ... وشعره للظلام

وقده للرماح ... وطرفه للسهام

وثغره للأقاحي ... وريقه للمدام

يا ليت لي منه عله ... تشفي من القلب عله

فطعمه مثل سكر ... علي حرم حله

يا حسنه حين يبدو ... ممنطقا بالعيون

بدر ثرياه عقد ... من در ثغر مصون

عذاره لازورد ... قد سال في سيلقون

تفيأ الورد ظله ... وخاله تحت ظله

كأنه نقط عنبر ... من فوق جمر أقله

ويا قاتلي بالتجني ... غثني بطيب الوصال

وفاتني بالتثني ... مل لي وخل ملالي

سلبت عقلي مني ... فانظر إلى ضعف حالي

يا من رماني بغله ... وشد قلبي وغله

حشاي فيك تسعر ... وأدمعي مستهله

رددت صبحي ظلاما ... مذ زدت جورا وظلما

ولو أطقت كلاما ... ملأت قلبي كلما

متى يرد السلاما ... ويجعل الحرب سلما

من حب خلا ومله ... يذم في كل مله

هذا الذي قد تسطر ... مما اقتضته الجبله

ان ملت صدا وهجرا ... وزدت بعدا ونأيا

ولم تدع لي صبرا ... فذا علي بن يحيى

أمات للظلم قسرا ... وميت العدل أحيا

وعقد ضري حله ... لما ارتدى الفضل حله

وذنب دهري تكفر ... وعز من بعد ذله

أقلامه في الطروس ... سحائب للبيان

كم أنبتت من غروس ... ثمارهن المعاني

فيها حياة النفوس ... ورزق أهل الأماني

لو أرشف البيد طله ... والضرع ما فيه طله

رأيتها تتفجر ... قفارها المضمحلة

ساس البرايا فسادا ... بهمة ما تسامى

وقد أزال الفسادا ... حتى أنام الأناما

وعاد من كان عادى ... في بابه يترامى

ما شاد عرشا فثله ... من الأكابر ثُلَّة

وكل أبطال عسكر ... من رأيه مستملة

سبحان من خص هذا ... جماله بالتمام

ومن بعلياه حاذى ... بدر الدجى في الظلام

ومن بمغناه لاذا ... أعطاه كل المرام

من خير قوم أجله ... حازوا من المجد جله

جوادهم لو تقطر ... سما سمو الأهِلَّه

يا سيدا لا يبارى ... في كل فن وعلم

وماجدا لا يجارى ... في كل فضل وحلم

ما للنجوم حيارى ... قد فاقها بدر تم

فالق السماك وقل له ... ما في مكانك قله

إلا وفيها تبختر ... خطاي من غير زلة

أنت العزيز المفدى ... بكل قلب وعين

ومن يرى لك ضدا ... يرمى بذل وشين

قدمت لي منك وعدا ... وجئت أطلب ديني

فأنجز الوعد كله ... فما أرى فيك كله

<<  <   >  >>