للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن ذلك موشحة أخرى للسراج المحار، وهي:

من دون رملة عالج ... لربة الخال دار

حلت عليها السحائب ... منا الدموع الغزار

همت عليها دموع ... لها السحاب شئون

فاخضل منها البقيع ... ومسن فيها الغصون

حدث فتلك الربوع ... حديثهن شجون

ففي القلوب لواعج ... من ذكرها وأوار

ونار فقد الحبايب ... زنادها الإدكار

لم أنس يوم تولى ... حادي المطي وسارا

خلى المحبين قتلى ... كما ترى وأسارى

ودون رامة خلى ... منا العقول حيارى

لأن بين الهوادج ... أقمار تم تحار

منها بدور الغياهب ... لم يخفهن سرار

حكوا البروق ابتساما ... والسمهريات لينا

أغصان بان إذا ما ... مالت تغير الغصونا

كم خلفت مستهاما ... ملقى لديها طعينا

مذ أينعت في الدمالج ... لها البدور ثمار

أوراقهن الذوائب ... حق الغصون تغار

سفرن بين الستور ... هيف دقاق الخصور

عن أوجه كالبدور ... في جنح ليل الشعور

تقلدوا في النحور ... بمثل ما في الثغور

يحكين غزلان ضارج ... شعارهن النفار

فليس يدنو لطالب ... من طيفهن مزار

هل للحياة سبيل ... وقد دهتنا العيون

وسل منها نصول ... لها الجفون جفون

قضبٌ علينا تصول ... شفارهن المنون

فكيف للهم فارج ... أو للمحب اصطبار

وفي الجفون قواضب ... لها المنون شفار

[-١٦-]

استخفني هذا السحر فهز أعطافي، واستخرج بقايا تحفي وألطافي، فآثرت أن أعارضه، وأردت أن أفاوضه، على ما فيه من المشقة وبعد الشقة، فقلت، وبالله الإعانة:

عوجوا على حي ضارج ... إذا استبان النهار

فبدر تلك المضارب ... منه الشموس تغار

عوجوا ففي الحي غيد ... لروضة الحسن زهر

بكل قد يميد ... غصنا وأعلاه بدر

وفي الثغور عقيد ... من ريقهن وقطر

وفي الصدور أبالج ... نهودهن الصغار

فكل حلوى الرغائب ... من وصفهن تعار

أحبب بهن أوانس ... ألحاظهن الأسنه

مثل الدمى في الكنائس ... برزن للناس فتنه

لحليهن وساوس ... إذا خطرن ورنه

نوافح عن نوافج ... لهن دارين دار

ونبت تلك الملاعب ... بان ورند وغار

أحببت منهن غادة ... لاحت كبدر التمام

أرى هواها عبادة ... مقبولة في الغرام

إن مت فيها شهادة ... فذلك أقصى مرامي

لي في الغرام مناهج ... وشرعة وشعار

وفي اختلاف المذاهب ... للعاشقين اختيار

حوراء تطبق فاها ... على نفيس اللآلي

وريقها العذب ضاهى ... بل فاق برد الزلال

وقدها قد كفاها ... مثقفات العوالي

كم بت منها أعالج ... جرحا وذاك جبار

وفي الجفون قواضب ... بكسرها الانتصار

لم ألق قط كوجدي ... فيمن مضى من متيم

قد خدد الدمع خدي ... ودام فيه وديم

كما نفى النوم سهدي ... وبين جفني خيم

وفي فؤادي لواعج ... كم هاجها الإدكار

وحين تدجو الغياهب ... تشب في القلب نار

محبوبتي ساعدتني ... ونحو قربي مالت

مذ أقبلت قبلتني ... وفي رضاي تغالت

لم أنس إذ واصلتني ... واستضحكت ثم قالت

زوجي على غيظو خارج ... دع يحترق فيك بنارو

خليه يجي ويضارب ... حلفت ما اسمع فشارو

[-١٧-]

ومن ذلك موشح رأيته لبعض المغاربة، وهو:

رميت قلبي بنبله ... لما ترحلت قبله

يا صاحب الخد الأحمر ... قتلتني أي قتله

يا لائمي في غزال ... قد حاز كل المعاني

يسل زرق النصال ... من مقلتيه الحسان

كأنه في الجمال ... بدر على خوط بان

قوموا انظروا ما أجله ... فهل يرى الناس مثله

باليمن والسعد أثمر ... سبحان رب أهله

ما عذل مثلي صواب ... لأن حبي مليح

ذلت لديه الرقاب ... وكل قلب قريح

فأين منه الذهاب ... أو كيف لي أستريح

<<  <   >  >>