للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقول لما رأت فتاها ... تاها

يا دادتي

لو كان عويقل جاني ... في مهرجاني

بلا احتشام

[-٢٨-]

ومن ذلك موشح آخر لابن زهر أيضا، وهو:

حي الوجوه الملاحا ... وحي سود العيون

هل في الهوى من جناح

وفي نديم وراح

رام النصوح صلاحي

وكيف أرجو صلاحا ... بين الهوى والمجون

يا غائبا لا يغيب

أنت البعيد القريب

كم تشتكيك القلوب

أثخنتهن جراحا ... واسأل سهام الجفون

أبكى العيون البواكي

تذكار أخت السماك

حتى حمام الأراك

بكى بشجو وناحا ... على فروع الغصون

ألقى إليها زمامه

صب يداوي غرامه

ولا يطيق الملامة

غدا بشوق وراحا ... ما بين سبي الظنون

يا راحلا لم يودع

رحلت بالأنس أجمع

والعجز يعطي ويمنع

مروا وأخفوا الرواحا ... عني وما ودعوني

[-٢٩-]

أعجبني ما فيه من الانسجام، والرقة التي لا توجد في بنت الجام، والعذوبة التي لذت طعما، وأرت محاسنها من كان أعمى. فأردت معارضته، فقلت، وبالله التوفيق:

سقى المحبين راحا ... طافت بكأس الجفون

بدر به القلب مغرى

كأن في فيه درا

وريقه راح خمرا

لو كان ذاك مباحا ... طابت كئوس المنون

الشعر منه ظلامي

فيه عدمت منامي

حمدت مسرى غرامي

لما أراني الصباحا ... من نور ذاك الجبين

في حسن هذا العذار

قد طاب خلع العذار

في خده الجلناري

لما استبان استباحا ... دم الكئيب الحزين

يا من لصب تعنى

وباللقا ما تهنا

ولم ينل ما تمنى

ملا النواحي نواحا ... ومل فرط الأنين

لو كنت أملك أمري

أنفت من ذل هجري

وكنت في طول عمري

أرى المزاح مزاحا ... كما يقيني يقيني

وغادة قد سباها

من حسنه البدر ضاهى

تقول لما جفاها

يا ابني على إيش ذي الوقاحا ... مالك كذا ما تجيني

[-٣٠-]

ومن ذلك موشح للأعمى التطيلي، رحمه الله تعالى، وهو:

دمع سفوح وضلوع حرار ... ماء ونار

ما اجتمعا إلا لأمر كبار

بئس لعمري ما أراد العذول

عمر قصير وعناء طويل

يا زفرات نطقت عن عليل

ويا دموعا قد أصابت مسيل

امتنع النوم وشط المزار ... ولا قرار

طرت ولكن لم أصادف مطار

يا كعبة حجت إليها القلوب

بين هوى داع وشوق مجيب

دعوة أواه إليها منيب

لبيك لا آلو لقول الرقيب

جد لي بحج عندها واعتمار ... ولا اعتذار

قلبي هدي ودموعي جمار

أهلا وإن عرض بي للمنون

بمايس الأعطاف ساجي الجفون

يا قسوة يحسبها الصب لين

علمتني كيف تساء الظنون

مذ بان عن تلك الليالي القصار ... دمعي غزار

كأنما بين جفوني غرار

حكمت مولى جار في حكمه

أهذي به لا مفصحا باسمه

واعجب لإنصافي على ظلمه

واسأله عن وصلي وعن صرمه

ألوى بحظي عن هوى واختيار ... طوع النفار

وكل أنس بعده بالخيار

لابد لي منه على كل حال

مولى تجنى وجفا واستطال

غادرني رهن أسى واعتلال

ثم شدا بين الهوى والدلال:

مر الحبيب انفرم دموار ... كان دشتار

ننفس اميت كساد مواتار

وعارضه شهاب الدين العزازي، رحمه الله تعالى، فقال:

يا ليلة الوصل وكأس العقار ... دون استتار

علمتماني كيف خلع العذار

[-٣١-]

أعجبني هذا الوزن الذي خف على القلوب، وطابت به نسمة الصبا وتأرجت الجنوب، فقلت، وبالله التوفيق والإعانة:

سال على الخدين منه العذار ... وما استدار

ما أحسن الريحان في الجلنار

يا حسنه لما رنا وانثنى

فأخجل البيض وسمر القنا

ذو وجنة تجني على من جنى

من روضها وردا إذا أمكنا

وردفه أطنب حتى أثار ... كثبا كبار

وخصره بالغ في الاختصار

يقول لي: وجهي بدر التمام

ومفرقي صبح، وشعري ظلام

<<  <   >  >>