للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَدثنِي مُحَمَّد بن الْعَبَّاس قَالَ: دخل إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي يَوْمًا على الْمَأْمُون فَتَأمل جثته فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيم: عشقت قطّ؟ قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: أَجلك عَن الْجَواب فِي هَذَا. قَالَ: بحياتي أصدقني. قَالَ: وحياتك مَا خلوت من عشق قطّ. قَالَ لَهُ: كذبت وحياتك يَا أَبَا إِسْحَاق: -

(وَجه الَّذِي يعشق مَعْرُوف ... لِأَنَّهُ أصفر منحوف)

(لَيْسَ كمن تَلقاهُ ذَا جثة ... كَأَنَّهُ للذبح معلوف)

حَدثنِي عَليّ بن مُحَمَّد قَالَ: سَمِعت أَصْحَابنَا يَقُولُونَ اجْتمع إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي، وَالْحسن بن سهل عِنْد الْمَأْمُون لَيْلًا فَأَرَادَ الْحسن أَن يضع من إِبْرَاهِيم ويخبره أَنه مغن عَالم بِالْغنَاءِ فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاق: أَي صَوت تغنيه الْعَرَب أحسن؟ فَفطن إِبْرَاهِيم فَقَالَ: تسمع للغلي وسواسا إِذا انصرفت. أَي إِنَّك موسوس.

قَالَ أَحْمد بن أبي طَاهِر حدث أَبُو مُوسَى هَارُون بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن مُوسَى الْهَادِي قَالَ: حَدثنِي أبي قَالَ: أنصرفنا من دَار أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَأْمُون يَوْمًا فَقَالَ لي إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي مر معي إِلَى منزلي أطعمك لَحْمًا على وَجهه، وأسقيك نبيذا على وَجهه وأسمعك غناء على وَجهه. فَقلت لَهُ: مَا عَن هَذَا منفرج فمضينا فَدَخَلْنَا إِلَى منزله فَإِذا مساليخ معلقَة، وملح قد سحق، وكوانين قد أججت فَأمر طباخية فشرحوا وكببوا وأكلنا ثمَّ أخرج الدنان فَوضعت على كراسيها وبذلت وشربنا. ثمَّ بعث إِلَى مُخَارق، وعلوية، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الموصلى فَقَالَ لَهُم: كلوا مِمَّا أكلنَا، والحقوا بِنَا فِي شَأْننَا وغناء الْقَوْم بِغَيْر زمر ولاطبل فَقَالَ: هَذَا اللَّحْم على وَجهه، وَالشرَاب على وَجهه ثمَّ الْتفت إِلَى فَقَالَ: إِنْسَان يلزمك يُقَال لَهُ مَنْصُور بن عبد اللَّهِ الْخَرشِيّ فَبعثت إِلَيْهِ فَحَضَرُوا وَأكل مِمَّا أكلنَا وشركنا فِيمَا كُنَّا فِيهِ ثمَّ انْدفع مَنْصُور فتغنى: -

(عرفت حَاجَتي إِلَيْهَا فضنت ... ورأتني صبا بهَا فتجنت)

فأستحسنه الْقَوْم جَمِيعًا ثمَّ تغنى: -

<<  <   >  >>