للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر شخوص الْمَأْمُون إِلَى الشَّام لغزو الرّوم

قَالَ أَحْمد بن أبي طَاهِر: وَلما دخلت سنة خمس عشرَة وَمِائَتَيْنِ عزم الْمَأْمُون على الشخوص إِلَى الثغر. فَحَدثني مُحَمَّد بن الْهَيْثَم بن عدي. قَالَ: حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن عِيسَى بن بريهة بن الْمَنْصُور قَالَ: لما أَرَادَ الْمَأْمُون الشخوص إِلَى دمشق هيات لَهُ كلَاما مكثت فِيهِ يَوْمَيْنِ وَبَعض آخر. فَلَمَّا مثلت بَين يَدَيْهِ قلت: أَطَالَ اللَّهِ بَقَاء أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي أدوم الْعِزّ. وأسبغ الْكَرَامَة، وَجَعَلَنِي من كل سوء فدَاه إِن من أَمْسَى وَأصْبح يتعرف من نعْمَة اللَّهِ لَهُ الْحَمد كثيرا عَلَيْهِ بِرَأْي أَمِير الْمُؤمنِينَ ايده اللَّهِ فِيهِ وَحسن تأنيسه لَهُ حقيق أَن يستديم هَذِه النِّعْمَة ويلتمس الزِّيَادَة فِيهَا بشكر اللَّهِ وشكر أَمِير الْمُؤمنِينَ مد اللَّهِ فِي عمره عَلَيْهَا. وَقد أحب أَن يعلم أَمِير الْمُؤمنِينَ أعزه اللَّهِ أَنِّي لَا أَرغب بنفسي عَن خدمته أيده اللَّهِ شئ من الْخَفْض والدعة إِذْ كَانَ هُوَ أيده اللَّهِ يتجشم خشونة السّفر، وَنصب الظعن، وَأولى النَّاس بمواساته فِي ذَلِك، وبذل نَفسه فِيهِ أَنا لما عرفني اللَّهِ من رَأْيه، وَجعل عِنْدِي من طَاعَته وَمَعْرِفَة مَا أوجب اللَّهِ من حَقه فَإِن رأى أَمِير الْمُؤمنِينَ أكْرمه اللَّهِ أَن يكرمني بِلُزُوم خدمته، والكينونة مَعَه فعل. فَقَالَ لي مبتدئا من غير تروية: لم يعزم أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي ذَلِك على شئ وَإِن استصحب أحدا من أهل بَيْتك بَدَأَ بك وَكنت الْمُقدم عِنْده فِي ذَلِك وَلَا سِيمَا إِذا أنزلت نَفسك بِحَيْثُ أنزلك أَمِير الْمُؤمنِينَ من نَفسه وَإِن ترك ذَلِك فَعَن غير قلى لِمَكَانِك وَلَكِن بِالْحَاجةِ إِلَيْك. قَالَ: فَكَانَ وَالله ابتداؤه أَكثر من ترويتي.

قَالَ: وَخرج أَمِير الْمُؤمنِينَ من الشماسية إِلَى البردان يَوْم الْخَمِيس صَلَاة الظّهْر لست بَقينَ من الْمحرم سنة خمس عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ الْيَوْم الرَّابِع وَالْعشْرُونَ من آذارثم سَار حَتَّى اتى تكريت. وفيهَا قدم مُحَمَّد بن عَليّ بن مُوسَى بن جَعْفَر بِمَ مُحَمَّد ابْن على بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب من الْمَدِينَة فِي صفر لَيْلَة الْجُمُعَة فَخرج من

<<  <   >  >>