الشَّرِيفَة، وَمَا أثله لَهُم آباؤهم فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام من الْأَفْعَال الرضية، والشيم الْكَرِيمَة وَنحن نسوس من ذكرنَا لَك من هَؤُلَاءِ الاقوام الخبيثة. قَالَ: ثمَّ أَمر بصلته فَقَالَ: لَا تعودن إِلَى مثل هَذَا فتمسك عقوبتي فَإِن الْحفظَة رُبمَا صرفت رَأْي ذِي الرَّأْي إِلَى هَوَاهُ فأستعمله وخلى سَبِيل الْحلم.
قَالَ التغلبي: سَمِعت يحيى بن أَكْثَم يَقُول: أَمرنِي الْمَأْمُون عِنْد دُخُوله بَغْدَاد أَن أجمع لَهُ وُجُوه الْفُقَهَاء وَأهل الْعلم من أهل بَغْدَاد فاخترت لَهُ من أعلامهم أَرْبَعِينَ رجلا وأحضرتهم وَجلسَ لَهُم الْمَأْمُون فَسَأَلَ عَن مسَائِل وأفاض فِي فنون الحَدِيث وَالْعلم. فَلَمَّا انقضي ذَلِك الْمجْلس الَّذِي جَعَلْنَاهُ للنَّظَر فِي أَمر الدّين قَالَ الْمَأْمُون: يَا أَبَا مُحَمَّد كره هَذَا الْمجْلس الَّذِي جَعَلْنَاهُ للنَّظَر طوائف من النَّاس بتعديل أهوائهم، وتزكية أرائهم فطائفة عابوا علينا مَا نقُول فِي تَفْضِيل على بن أبي طَالب رَضِي اللَّهِ عَنهُ وظنوا أَنه لَا يجوز تَفْضِيل على إِلَّا بإنتقاص غَيره من السّلف وَالله مَا اسْتحلَّ أَو قَالَ مَا استجيز أَن انْتقصَ الْحجَّاج فَكيف السّلف الطّيب. وَإِن الرجل ليَأْتِيَن بالقطعة من الْعود، أَو بالخشبة، أَو بالشَّيْء الَّذِي لَعَلَّ قِيمَته لَا تكون إِلَّا درهما أَو نَحوه فَيَقُول: إِن هَذَا كَانَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَو قد وضع يَده عَلَيْهِ، أَو شرب فِيهِ، أَو مَسّه وَمَا هُوَ عِنْدِي بِثِقَة وَلَا دَلِيل على صدق الرجل إِلَّا أَنِّي بفرط النِّيَّة والمحبة أقبل ذَلِك فاشتريه بِأَلف دِينَار وَأَقل وأكثركم أَضَعهُ على وَجْهي وعيني وأتبرك بِالنّظرِ إِلَيْهِ وبمسه فأستشفي بِهِ عِنْد الْمَرَض يُصِيبنِي أَو يُصِيب من أهتم بِهِ فأصونه كصيانتي نَفسِي وَإِنَّمَا هُوَ عود لم يفعل هُوَ شَيْئا وَلَا فَضِيلَة لَهُ تستوجب بِهِ الْمحبَّة إِلَّا مَا ذكر من مس رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسلم لَهُ: فَكيف لَا أرعى حق أَصْحَابه وَحُرْمَة من قد صَحبه وبذل مَاله وَدَمه دونه وصبر مَعَه أَيَّام الشدَّة، وأوقات الْعسرَة وعادي العشائر والعمائر. والأقارب، وَفَارق الْأَهْل وَالْأَوْلَاد واغترب عَن دَاره ليعز اللَّهِ دينه وَيظْهر دَعوته. يَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالله لَو لم يكن هَذَا فِي الدّين مَعْرُوفا لَكَانَ فِي الْأَخْلَاق جميلا، وَإِن من الْمُشْركين لمن يرْعَى فِي دينه من الْحُرْمَة مَا هُوَ أقل من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute