فَوجه إِلَيْهِ الْمَأْمُون أَحْمد بن أبي خَالِد وَقَالَ: قل لَهُ فعلت كَذَا، وصنعت كَذَا. واحفظ مَا يرجع إِلَيْك من جَوَابه. فَلَمَّا مضى أَحْمد قَالَ لياسر رجله وَكَانَ قد سمع الرسَالَة وَالْكَلَام الَّذِي حمله إِلَى دِينَار اتبعهُ فَأنْظر مَا يَقُول لدينار وَمَا يرد عَلَيْهِ وأعلمني مَا يصنع عِنْده فَإِنَّهُ إِن تغدى عِنْده رَجَعَ بِكُل مَا يحب دِينَار، وَإِن لم يطعمهُ رَجَعَ بِكُل مَا يكره. قَالَ: فَلَمَّا خرج علم وَكيل دِينَار أَنه يُريدهُ فَوجه رَسُولا إِلَى صَاحبه يُخبرهُ بمجيئه. فَقَالَ دِينَار لقهرمانه: إِن أَحْمد أشره من نفخ فِيهِ الرّوح فَانْظُر إِذا هُوَ خرج من المَاء فَقل لَهُ مَا الَّذِي يتَّخذ لَك حَتَّى تتغدى بِهِ فَلَمَّا خرج من الحراقة قَالَ لَهُ ذَلِك. قَالَ. فراريج كسكرية بِخبْز المَاء وَمَاء الرُّمَّان. قَالَ: فذبح لَهُ عشرُون فروجا وشواها وخبز خبز المَاء فِي أقل من سَاعَة ثمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: قد تهَيَّأ طعامنا. قَالَ: وَيلك هَات فَإِنِّي أجوع من كلب. فَقرب إِلَيْهِ الطَّعَام فَأتى على الفراريج حَتَّى لم يدع إِلَّا عظما عَارِيا وَقرب إِلَيْهِ الْحَار والبارد والحلو والحامض فَمَا وضع بَين يَدَيْهِ شئ إِلَّا أثر فِيهِ فَلَمَّا انْتهى جَاءَهُ الطباخ بِخمْس سمكات على طبق يلوح لَهُ بهَا فصاح بالقهرمان يَا ابْن الخبيثة: كَانَ يَنْبَغِي أَن تقدم هَذَا قبل كل شئ فَقَالَ صدق وَالله وَلَكِن هاته فَأكل مِنْهُ أكل من لم يذقْ شَيْئا ثمَّ قَالَ لدينار يَقُول لَك أَمِير الْمُؤمنِينَ: قد حصلت لنا قبلك أَمْوَال مِنْهَا مَا هُوَ بخطك فِي الدِّيوَان، وَمِنْهَا مَا أَقرَرت بهَا على لِسَان كاتبك. قَالَ: فَقَالَ دِينَار: مَا لكم قبلي إِلَّا سَبْعَة آلَاف ألف مَا أعرف غَيرهَا. قَالَ: فاحمل هَذَا المَال الَّذِي لَا تنكره. قَالَ احمله فِي ثَلَاث نُجُوم قَالَ فاتفقنا على ذَلِك. قَالَ: فَلَمَّا تغدى وثقلت معدته هم بالانصراف فَقَالَ: أعد على الْجَواب قَالَ نعم: لكم عِنْدِي سِتَّة آلَاف ألف قَالَ يَاسر: إِنَّهَا سَبْعَة الآلف ألف وهدأ أَبُو الْعَبَّاس فَسَأَلَهُ قَالَ يَا أَبَا الْعَبَّاس: ألم تقل السَّاعَة لكم عِنْدِي سَبْعَة آلَاف ألف؟ قَالَ: مَا أحفظ مَا قَالَ وَلَكِن قل السَّاعَة يحفظ كلامك. قَالَ دِينَار مَا قلت إِلَّا سِتَّة آلَاف ألف فَانْصَرف أَحْمد وَسَبقه يَاسر فَدخل فَحكى لِلْمَأْمُونِ الْقِصَّة حرفا. حرفا. فَلَمَّا دخل أَحْمد أخبرهُ بِمَا قَالَ دِينَار حَتَّى انْتهى إِلَى جملَة المَال فَقَالَ: أقرّ بِخَمْسَة آلَاف ألف فَضَحِك الْمَأْمُون
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute