للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِهِ فَيدْفَع إِلَيْهِ فَمَا دخل عَلَيْهِ أحد يَوْمئِذٍ فَخرج من عِنْده مخفقا، وَبلغ الْخَبَر أَصْحَاب عَمْرو فَأتوهُ وَأخذُوا صلَاتهم فَكثر النَّاس على بَابه وخفوا عَن بَاب عَمْرو حَتَّى كَانَ لَا يلْزمه إِلَّا كِتَابه. قَالَ فَأَتَاهُ بعد ذَلِك بيومين أَو ثَلَاث رجل من آل مَرْوَان بن أبي حَفْصَة فَمثل بَين يَدَيْهِ فأنشده: -

(قل للْإِمَام وَخير القَوْل أصدقه ... رَأس الْمُلُوك وَمَا الأذناب كالرأس)

(إِنِّي أعوذ بهَارُون وحفرته ... وقبر عَم نَبِي الله عَبَّاس)

(من أَن تكربنا يَوْمًا رواحلنا ... إِلَى الْيَمَامَة من بَغْدَاد باليأس)

قَالَ: فَقَالَ وَيحك يَا غُلَام مَا بقى عنْدك من ذَلِك المَال؟ . قَالَ عشرَة آلَاف دِرْهَم. قَالَ: فأدفعها إِلَيْهِ: قَالَ فَدفعت إِلَيْهِ.

قَالَ حَدثنِي جرير النَّصْرَانِي: أَن أَحْمد بن أبي خَالِد كلم الْمَأْمُون فِي جَاره صَالح الأضخم وَأخْبرهُ أَنه كَانَ لله عَلَيْهِ نعْمَة وَأَن حَالَة قد رثت فَأمر لَهُ بِأَرْبَع مائَة ألف دِرْهَم. فَقَالَ لَهُ مازحا: كلمت أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي أَمرك فَلم يكن عِنْده فِي حَاجَتك شَيْء. قَالَ: لِأَنَّك كَلمته ونيتك ضَعِيفَة فَخرج الْكَلَام على قدر النِّيَّة وَالْجَوَاب على قدر الْكَلَام. قَالَ: فَقَالَ مَا أفتلت مِنْك على مَال فصالحني على شَيْء أخبرهُ بِهِ فَلَعَلَّهُ يفعل أَو أعطيكه من مَالِي. قَالَ: أما من مَالك فَلَا حَاجَة لي فِيهِ وَلَا أَقُول فِي هَذَا شَيْء. قَالَ أَحْمد: مائَة ألف قَالَ إِن فِيهَا لصلاح. قَالَ فَإِن كَانَت مِائَتَيْنِ؟ قَالَ فَذَاك أفضل يقْضِي بِهِ الدّين ويتخذ بِهِ الْمُرُوءَة، وَتَكون مِنْهَا ذخيرة. قَالَ: فقد أَمر لَك بِأَرْبَع مائَة ألف فَقَالَ: يَا معشر النَّاس فِي الدُّنْيَا خلق أشر من هَذَا. عنْدك هَذَا الْخَبَر وتعذبني هَذَا الْعَذَاب ثمَّ دَعَا وشكر.

قَالَ أَحْمد بن أبي طَاهِر: وخبرت أَن الْمَأْمُون قَالَ لِأَحْمَد يَوْمًا: أيش تصنع إِذا انصرفت السَّاعَة. قَالَ: أَقْْضِي حق أبي سعيد الْحسن بن قَحْطَبَةَ

<<  <   >  >>