قَالَ عزى: أَحْمد بن يُوسُف ولد رجل من آل الرّبيع وَكَانَ لَهُ مواصلا فَقَالَ: عظم اللَّهِ أجركُم، وجبر مصابكم، وَوجه الرَّحْمَة إِلَى فقيدكم، وَجعل لكم من وَرَاء مصيبتكم حَالا تجمع كلمتكم، وتلم شعثكم، وَلَا تفرق ملأكم.
قَالَ أَحْمد بن أبي طَاهِر: وَلما حضر أَحْمد بن يُوسُف بالمأمون وَغلب عَلَيْهِ حسده المعتصم فاحتال لَهُ بِكُل حِيلَة فَلم يجد وَجها يسبعه بِهِ عِنْده، وَكَانَ الْمَأْمُون يُوَجه إِلَى أَحْمد بن يُوسُف فِي السحر ويحضر المعتصم وَأَصْحَابه فِي وَقت الْغَدَاء فَكَانَ ذَلِك مِمَّا أغتم لَهُ خَاصَّة الْمَأْمُون أجمع. فَشَكا ذَلِك المعتصم إِلَى مُحَمَّد بن الْخَلِيل بن هِشَام وَكَانَ خَاصّا بالمعتصم فَقَالَ: أَنا أحتال لَهُ. قَالَ: فَدس مُحَمَّد بن الْخَلِيل خَادِمًا مِمَّن يقوم على رَأس الْمَأْمُون فَقَالَ لَهُ: إِذا خص الْمَأْمُون أَحْمد بن يُوسُف بكرامة أَو لون من الألوان وَلم يكن لذَلِك أحد حَاضر فَأَعْلمنِي وَضمن لَهُ على ذَلِك ضمانا فَوجه الْمَأْمُون يَوْمًا فِي السحر كَمَا كَانَ يفعل إِلَى أَحْمد بن يُوسُف وَلَيْسَ عِنْده أحد، وَتَحْته مجمرة عَلَيْهَا بَيْضَة عنبر وَكَانَ أَمر بوضعها حِين دخل أَحْمد وَلم تكن النَّار علت فِيهَا إِلَّا أَخذ ذَلِك فَأَرَادَ أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن يكرم أَحْمد بهَا ويؤثره فَقَالَ للخادم: خُذ المجمرة من تحتي وصيرها تَحت أَحْمد. ويحضر مُحَمَّد بن الْخَلِيل فيخبره الْخَادِم بذلك. وَكَانَ الْمَأْمُون يستطرف مُحَمَّد بن الْخَلِيل ويدعوه أَحْيَانًا فَيَقُول لَهُ: مَا تَقول الْعَامَّة، وَمَا يتحدث بِهِ النَّاس؟ فيخبره بذلك. فَدَعَاهُ بعد يَوْم المجمرة بأيام فَقَالَ لَهُ مَا تَقول النَّاس.؟ فَقَالَ يَا سَيِّدي شَيْء حدث مُنْذُ لَيَال من ذكرك أجل سَمعك مِنْهُ. فَقَالَ لَا بُد من أَن تُخبرنِي. فَقَالَ: انصرفت يَوْمًا فمررت بمشرعة وَأَنا فِي الزلَال فَسمِعت سقاء يَقُول لآخر مَعَه مَا رَأَيْت كَمَا يخبر ندماء هَذَا الرجل عَنهُ. فَقَالَ لَهُ وَمن تعنى؟ . قَالَ لَهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ. فَقَالَ لَهُ وَمَا ذَاك؟ قَالَ: انْصَرف من عِنْده أَحْمد بن يُوسُف فَسَمعته يَقُول لغلامه: مَا رَأَيْت أحدا قطّ ابخل وَلَا أعجب من الْمَأْمُون. دخلت عَلَيْهِ الْيَوْم وَهُوَ يتبخر فَلم تتسع نَفسه أَن يَدْعُو لي بِقِطْعَة بخور حَتَّى أخرج القتار الَّذِي كَانَ تَحْتَهُ فبخرني بِهِ. فَعرف الْمَأْمُون الحَدِيث
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute