للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ: نلقى عمَارَة ابْنا لمروان بن أبي حَفْصَة وَكَانَ بلغه أَنه هجا خَالِدا لينتصر لتميم فِي الطَّرِيق فَقيل لَهُ هَذَا ابْن أبي حَفْصَة فَقَالَ لَهُ: -

(فعرضك لَا يُوفي كَرِيمًا بعرضه ... فَهَل يوفين مِنْك الجزاز المصمم)

(كَأَنَّك لم تسمع فوارس وَائِل ... إِذا أسرجوا للحرب يَوْمًا وألجموا)

قَالَ: ولقى خَالِد عمَارَة فَقَالَ لَهُ: ابْن خُزَيْمَة بيني وَبَيْنك أَو سوأته أَن يكون فِي قومِي مثل تَمِيم وَفِي قَوْمك مثلى. قَالَ: أخترت لنَفْسي عافاك اللَّهِ فَلَا تلمني على الِاخْتِيَار وَكَأن خَالِدا وجد من ذَلِك. قَالَ: وَبلغ الْمَأْمُون خبرهما فَأرْسل إِلَى خَالِد بِمَال وَقَالَ: مثلك من الْعَرَب فليصن عرضه لَا من يذله بخلا ولؤما.

حَدثنِي أَبُو عَليّ السليطي من بني سليط حى من بني تَمِيم قَالَ حدثتي عمَارَة بن عقيل قَالَ: أنشدت الْمَأْمُون قصيدة فِيهَا مديح لَهُ فِيهَا مائَة بَيت. فأبتدأت بصدر الْبَيْت فبادرني إِلَى قافيته فَقلت: وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا سَمعهَا مني أحد قطّ قَالَ هَكَذَا يَنْبَغِي أَن يكون، ثمَّ أقبل على فَقَالَ: لما بلغك أَن عمر بن أبي ربيعَة أنْشد عبد اللَّهِ بن عَبَّاس قصيدته الَّتِي يَقُول فِيهَا:

(تشط غَدا دَار جيراننا ... )

فَقَالَ ابْن عَبَّاس: -

(وللدار بعد غَد أبعد ... )

حَتَّى أنْشدهُ القصيدة يقفيها ابْن عَبَّاس: ثمَّ قَالَ: أَنا ابْن ذَاك.

حَدثنِي أَبُو الْقَاسِم خَليفَة بن جروة قَالَ سَمِعت أَبَا مَرْوَان كارز بن هَارُون يَقُول: قَالَ الْمَأْمُون: -

(بَعَثْتُك مشتاقا ففزت بنظره ... وأغفلتني حَتَّى أَسَأْت بك الظنا)

(فناجيت من أَهْوى وَكنت مباعدا ... فيا لَيْت شعري عَن دنوك مَا أغنا)

(أرى أثرا مِنْهُ بِعَيْنَيْك بَينا ... لقد أخذت عَيْنَاك من عينه حسنا)

<<  <   >  >>