ورأفته، وَلَوْلَا مَا نهى عَنهُ لأعرقت جبينك وَبِحَسْبِكَ من جهلك غسلك الْمِنْبَر بِالْمَدِينَةِ. قَالَ: فَجَلَسَ الْمَأْمُون وَكَانَ مُتكئا فَقَالَ: وَمَا غسلك الْمِنْبَر التَّقْصِير مني فِي أَمرك أم لتقصير الْمَنْصُور كَانَ فِي أَمر أَبِيك لَوْلَا أَن الْخَلِيفَة إِذا وهب شَيْئا أستحي أَن يرجع فِيهِ لَكَانَ أقرب شَيْء بيني وَبَيْنك إِلَى الأَرْض رَأسك قُم وَإِيَّاك وَمَا عدت. قَالَ: فَخرج مُحَمَّد بن أبي الْعَبَّاس ومضي إِلَى طَاهِر بن الْحُسَيْن وَكَانَ زوج أُخْته فَقَالَ لَهُ كَانَ من قصتي كَيْت وَكَيْت وَكَانَ يَحْجُبهُ على النَّبِيذ فتح الْخَادِم، وياسر يتَوَلَّى الْخلْع وحسين يسْقِي، وَأَبُو مَرْيَم غُلَام سعيد الْجَوْهَرِي يتَخَلَّف فِي الْحَوَائِج، فَركب طَاهِر إِلَى الدَّار فَدخل فتح فَقَالَ: طَاهِر بِالْبَابِ. فَقَالَ إِنَّه لَيْسَ من أوقاته. إئذن لَهُ فَدخل طَاهِر فَسلم فَرد عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ: اسقوه رطلا فَأَخذه فِي يَده اليمني وَقَالَ لَهُ: أَجْلِس فَخرج وشربه، ثمَّ عَاد وَقد شرب الْمَأْمُون رطلا آخر فَقَالَ: اسقوه الثَّانِي. فَفعل كَفِعْلِهِ الأول. ثمَّ دخل فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون أَجْلِس فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَيْسَ لصَاحب الشرطة أَن يجلس بَين يَدي سَيّده. قَالَ الْمَأْمُون ذَاك فِي مجْلِس الْعَامَّة فَأَما مجْلِس الْخَاصَّة فَطلق. قَالَ: وبكي الْمَأْمُون وتغرغرت عَيناهُ فَقَالَ لَهُ طَاهِر: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لم تبْكي لَا أبْكِي اللَّهِ عَيْنك، فو اللَّهِ لقد دَانَتْ لَك الْبِلَاد، وأذعن لَك الْعباد، وصرت إِلَى الْمحبَّة فِي كل أَمرك. فَقَالَ: أبْكِي لَا مر ذكره ذل وستره حزن، وَلنْ يَخْلُو أحد من شجن فَتكلم بحاجة إِن كَانَت لَك. قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: مُحَمَّد [بن أبي الْعَبَّاس] أَخطَأ فأقله عثرته وَأَرْض عَنهُ. قَالَ: قد رضيت عَنهُ وَأمرت بصلته ورد مرتبته وَلَوْلَا أَنه لَيْسَ من أهل الْأنس لأحضرته. قَالَ: وَانْصَرف طَاهِر فَأعْلم ابْن أبي الْعَبَّاس ذَلِك ثمَّ دَعَا بهَارُون بن جيغويه فَقَالَ: إِن للْكتاب عشيرة وَإِن أهل خُرَاسَان يتعصب بَعضهم لبَعض فَخذ مَعَك ثَلَاثمِائَة ألف دِرْهَم فأعط الْحُسَيْن الْخَادِم مِائَتي ألف، وَأعْطِ كَاتبه مُحَمَّد بن هَارُون مائَة ألف وسله أَن يسْأَل الْمَأْمُون لم بكي؟ قَالَ: فَفعل ذَلِك. قَالَ: فَلَمَّا تغدى قَالَ يَا حُسَيْن: أسقني. قَالَ: لَا. وَالله لَا سقيتك أَو تَقول لي لم بَكَيْت حِين دخل عَلَيْك طَاهِر؟ قَالَ يَا حُسَيْن: وَكَيف عنيت بِهَذَا حَتَّى سَأَلتنِي عَنهُ؟ . قَالَ لغمي بذلك. قَالَ هُوَ أَمر إِن خرج من رَأسك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute