وإحداثه، وأعلمهم أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ غير مستعين فِي عمله، وَلَا واثق فِيمَا قَلّدهُ اللَّهِ واستحفظه فِي أُمُور رَعيته من لَا يوثق بِدِينِهِ وخلوص توحيده ويقينه فَإِذا أقرُّوا بذلك ووافقوا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيهِ وَكَانُوا على سَبِيل الْهدى والنجاة فمرهم بِنَظَر من بحضرتهم من الشُّهُود على النَّاس ومسألتهم عَن علمهمْ فِي الْقُرْآن وَترك الاثبات بِشَهَادَة من لم يقر أَنه مَخْلُوق مُحدث، وَلم يرَوا الِامْتِنَاع من توقيعها عِنْده واكتب إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ بِمَا يَأْتِيك من قُضَاة أهل عَمَلك فِي مسألتهم وَالْأَمر لَهُم بِمثل ذَلِك ثمَّ أشرف عَلَيْهِم وتفقد آثَارهم حَتَّى لَا تنفذ أَحْكَام اللَّهِ إِلَّا بِشَهَادَة أهل البصائر فِي الدّين وَالْإِخْلَاص للتوحيد واكتب إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ بِمَا يكون مِنْك فِي ذَلِك وَكتب فِي شهر ربيع الأول سنة ثَمَانِي عشرَة وَمِائَتَيْنِ.
قَالَ: وَكتب الْمَأْمُون إِلَى إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَهُوَ يختلفه بِبَغْدَاد فِي اشخاص سَبْعَة نفر من الْفُقَهَاء مِنْهُم: مُحَمَّد بن سعد كَاتب الْوَاقِدِيّ، وَأَبُو مُسلم مستملى يزِيد ابْن هَارُون، وَيحيى بن معِين، وَزُهَيْر بن حَرْب، وَأَبُو خَيْثَمَة، وَإِسْمَاعِيل بن دَاوُد وَإِسْمَاعِيل بن أبي مَسْعُود، وَأحمد بن الدَّوْرَقِي. فأشخصوا فَسَأَلَهُمْ وأمتحنهم عَن خلق الْقُرْآن فَأَجَابُوا جَمِيعًا أَن الْقُرْآن مَخْلُوق فأشخصهم إِلَى مَدِينَة السَّلَام وأحضرهم إِسْحَاق دَاره فشهر أَمرهم وَقَوْلهمْ بِحَضْرَة الْفُقَهَاء والمشايخ من أهل الحَدِيث فأقروا بِمثل مَا أجابوا بِهِ الْمَأْمُون فخلى سبيلهم وَكَانَ إِحْضَار إِسْحَاق أياهم وَشهر أَمرهم بِأَمْر الْمَأْمُون، وَكَانَ الْمَأْمُون بعد ذَلِك كتب إِلَى إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.
أما بعد: فَإِن من حق اللَّهِ على خلفائه فِي أرضه وأمنائه على عباده الَّذين أرتضاهم لإِقَامَة دينه، وَحَملهمْ رِعَايَة خلقه وإمضاء أَحْكَامه وسننه والائتمام بعدله فِي بريته أَن يجهدوا اللَّهِ أنفسهم، وينصحوا لَهُ فِيمَا استحفظهم وقلدهم، ويدلوا عَلَيْهِ تبَارك اسْمه وَتَعَالَى بِفضل الْعلم الَّذِي أودعهم، والمعرفة الَّتِي جعلهَا فيهم ويهدوا إِلَيْهِ من زاغ عَنهُ، ويردوا من ادبر عَن أمره. وينهجوا لرعاياهم سمت نجاتهم. ويقفوهم على حُدُود إِيمَانهم وسبل وزهم وعصمتهم ويكشفوا لَهُم عَن مغطيات
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute