للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمَا أعرف خَالِقًا إِلَّا اللَّهِ وَمَا دون اللَّهِ فمخلوق " وَالْقُرْآن كَلَام اللَّهِ فأنته بِنَفْسِك وبالمختلفين فِي الْقُرْآن إِلَى أَسْمَائِهِ الَّتِي سَمَّاهُ اللَّهِ بهَا تكن من المهتدين، وذر الَّذين يلحدون فِي أَسْمَائِهِ سيجزون بِمَا كَانُوا يعْملُونَ. وَلَا تسم الْقُرْآن باسم من عنْدك فَتكون من الضَّالّين جعلنَا اللَّهِ وأياك من {الَّذين يخشونه بِالْغَيْبِ وهم من السَّاعَة مشفقون}

حَدثنِي سعيد العلاف الْقَارئ قَالَ: أرسل الْمَأْمُون وَهُوَ فِي بِلَاد الرّوم فَحملت إِلَيْهِ وَهُوَ بالبدندون فَكَانَ يستقرئني فدعاني يَوْمًا فَجئْت فَوَجَدته جَالِسا على شاطئ البدندون وَأَبُو إِسْحَاق المعتصم جَالس من يَمِينه فَأمرنِي فَجَلَست قَرِيبا مِنْهُ فَإِذا هُوَ وَأَبُو إِسْحَاق مدليان أرجلهما فِي مَاء البدندون فَقَالَ: يَا سعيد. دلّ رجليك فِي هَذَا المَاء وذقه فَهَل رَأَيْت مَاء قطّ أَشد بردا وَلَا أعذب. وَلَا أصفي صفاء مِنْهُ فَفعلت فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: مَا رَأَيْت مثل هَذَا قطّ. قَالَ: أَي شَيْء يطيب أَن يُؤْكَل وَيشْرب هَذَا المَاء عَلَيْهِ؟ . فَقلت: أَمِير الْمُؤمنِينَ اعْلَم. فَقَالَ: رطب الأزاذ. فَبينا نَحن نقُول هَذَا إِذْ سمع وَقع لجم الْبَرِيد فَالْتَفت فَنظر فَإِذا بغال من بغال الْبَرِيد على أعجازها حقائب فِيهَا الألطاف فَقَالَ لخادم لَهُ: أذهب فَأنْظر هَل فِي هَذِه الألطاف رطب. فَإِن كَانَ رطبا فَانْظُر فَإِن كَانَ فِيهَا أزاذا فَاتَ بِهِ فجَاء يسْعَى بسلتين فيهمَا رطب أزاذ مَكْتُوب عَلَيْهَا آزادا فَأمر بفتحهما فَإِذا رطب أزاذ كانما جنى من النّخل تِلْكَ السَّاعَة فأظهر شكرا لله وَكثر تَعَجبا مِنْهُ جَمِيعًا فَقَالَ: أدن فَكل. فَأكل هُوَ وَأَبُو إِسْحَاق وأكلت مَعَهُمَا وشربنا جَمِيعًا من ذَلِك المَاء فَمَا قَامَ منا أحد إِلَّا وَهُوَ مَحْمُوم فَكَانَت منية الْمَأْمُون من تِلْكَ الْعلَّة وَلم يزل المعتصم عليلا حَتَّى دخل الْعرَاق وَلم أزل عليلا حَتَّى كَانَ قَرِيبا الْآن.

<<  <   >  >>