للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَحدثت ان الْمَأْمُون، وَأَبا إِسْحَاق المعتصم وَآخر من القواد ذهب عني اسْمه اخْتلفُوا فِي ذكر الشجعاء من القواد، والجند، وَالْموالى فَقَالَ الْمَأْمُون: مَا فِي الدُّنْيَا أحد أَشْجَع من عجم أهل خُرَاسَان، وَلَا أَشد شكوة، وَلَا أثقل وَطْأَة على عَدو. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَا فِي الدُّنْيَا سود الرؤوس أَشْجَع وَلَا أرما، وَلَا أثبت أقداما على الْأَعْدَاء من الأتراك وَبِحَسْبِكَ أَنهم بازاء كل أمة من أعدائهم فهم ينتصفون مِنْهُم ويغزونهم فِي بِلَادهمْ، وَلَا يغزوهم أحد، فَقَالَ الْقَائِد مَا فِي الدُّنْيَا قوم أَشْجَع من أَبنَاء خُرَاسَان المولدين، وَلَا أفتك مِنْهُم فَإِنَّهُم هم الَّذين أدخلُوا الاتراك فِي السواجير وآباؤهم هم الَّذين قادوا الدولة، وهم قَامُوا بِحَرب أَمِير الْمُؤمنِينَ ثمَّ أطاعوه فاستقامت الْخلَافَة بهم. فَقَالَ الْمَأْمُون: مَا تَصْنَعُونَ بإختلافنا.؟ هَذَا نصر بن شبث نرسل إِلَيْهِ فنسأله عَن أَشْجَع من لقى من جندنا وقوادنا من الْقَوْم جَمِيعًا. فَأمر بنصر فأحضر وَسَأَلَهُ عَمَّا اخْتلفُوا فِيهِ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: الْحق أولى مَا أسْتَعْمل كل هَؤُلَاءِ قد لقِيت: أما الأتراك: فَإِنَّمَا التركي بسهامه فَإِذا أنفذها أَخذ بِالْيَدِ وَأما العجمي فبسيفه: فَإِذا كل استبسل. وَأما الْأَبْنَاء فَلم أر مثلهم لَا يكلون، وَلَا يملون، وَلَا ينهزمون يُقَاتلُون فِي شدَّة الْبرد فِي الأزر الْخلق بِلَا درع، وَلَا جوشن وَلَا مجن، وَمرَّة بِالرُّمْحِ وَمرَّة بِالسِّهَامِ يَخُوضُونَ الثَّلج فِي الْأَنْهَار ويخوضون فِي الهجير النَّار لَا يكلون وَلَا يملون. فَقَالَ الْقَائِد: حَسبنَا بك حكما بَيْننَا.

<<  <   >  >>