دَابَّة وأجود مِنْهُ كسْوَة قَالَ: فَجعل الْأَعرَابِي ينظر فِي وُجُوهنَا قَالَ فَقلت: يَا شيخ قد ألححت فِي النّظر أعرفت شَيْئا أم أنكرته؟ قَالَ: لَا وَالله مَا عرفتكم قبل يومي هَذَا، وَلَا أنكرتكم لسوء أرَاهُ بكم وَلَكِنِّي رجل حسن الفراسة فِي النَّاس جيد الْمعرفَة بهم. قَالَ: فأشرت إِلَى إِسْحَاق بن أبي ربعي فَقلت مَا تَقول فِي هَذَا؟ فَقَالَ: -
(أرى كَاتبا داهي الْكِتَابَة بَين ... عَلَيْهِ وتأديب الْعرَاق مُنِير)
(لَهُ حركات قد يشاهدن أَنه ... عليم بتقسيط الْخراج بَصِير)
قَالَ: وَنظر إِلَى إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الرافقي فَقَالَ: -
(ومظهر نسك مَا عَلَيْهِ ضَمِيره ... يحب الْهَدَايَا بِالرِّجَالِ مكور)
(إخال بِهِ جبنا وبخلا وشيمة ... تخبر عَنهُ أَنه لوزير)
ثمَّ نظر إِلَيّ وَأَنْشَأَ يَقُول: -
(وَهَذَا نديم الْأَمِير ومؤنس ... يكون لَهُ بِالْقربِ مِنْهُ سرُور)
(إخَاله الْأَشْعَار وَالْعلم رَاوِيا ... فبعض نديم مرّة وسمير)
ثمَّ نظر إِلَى الْأَمِير فَأَنْشَأَ يَقُول: -
(وَهَذَا الْأَمِير المرتجى سيب كَفه ... فَمَا إِن لَهُ فِيمَن رَأَيْت نَظِير)
(عَلَيْهِ رِدَاء من جمال وهيبة ... وَوجه بِإِدْرَاك النجاح بشير)
(لقد عصم الْإِسْلَام مِنْهُ ندا يَد ... بِهِ عَاشَ مَعْرُوف وَمَات نَكِير)
(أَلا إِنَّمَا عبد الْإِلَه بن طَاهِر ... لنا وَالِد بر بِنَا وأمير)
قَالَ: فَوَقع ذَلِك أحسن موقع من عبد اللَّهِ وَأَعْجَبهُ مَا قَالَ الشَّيْخ فَأمر لَهُ بِخَمْسِمِائَة دِينَار وَأمره أَن يَصْحَبهُ.
قَالَ: حَدثنِي الْحسن بن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن سعد الفِهري. قَالَ: لَقينَا البطين الشَّاعِر الْحِمصِي وَنحن مَعَ عبد اللَّهِ بن طَاهِر فِيمَا بَين سَلمَة وحمص فَوقف