للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثمت النِّعْمَة وَقَامَت الْحجَّة بموافقة الْمُتَكَلِّمين والغلاة على ذَلِك فِي الْجُمْلَة حَتَّى رمى بعض الْمُتَكَلِّمين بَعْضًا بذلك عِنْد الضجر من الْخَوْض فِي تِلْكَ المباحث والشناعات فَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الْأمة خَاتِمَة أهل الاصول العجالي المعتزلي فِي آخر الرَّد على أَصْحَابه الْمُعْتَزلَة حَيْثُ حكمُوا بِثُبُوت الْعَالم قبل خلقه فِي الْعَدَم الْمَحْض والازل الَّذِي لَا أول لَهُ مَا لَفظه

إِن كل من سمع ذَلِك من الْعُقَلَاء قبل أَن يتلوث خاطره بالاعتقادات التقليدية فانه يقطع بِبُطْلَان هَذِه الْمذَاهب ويتعجب أَن يكون فِي الْوُجُود عَاقل تسمح نَفسه بِمثل هَذِه الاعتقادات ويلزمهم أَن يجوزوا فِيمَا نشاهده من هَذِه الْأَجْسَام والاعراض أَن تكون كلهَا مَعْدُومَة لِأَن الْوُجُود غير مدرك عِنْدهم وَإِلَّا لزم أَن يرى الله تَعَالَى لوُجُوده بل إِنَّمَا تنَاوله الادراك للصفة المقتضاة عِنْدهم وَهِي صفة التحيز وهيئة السوَاد وَالْبَيَاض فيهمَا غَايَة الامر أَن الجوهرية عِنْد بَعضهم تَقْتَضِي التحيز بِشَرْط الْوُجُود لَكِن التَّرْتِيب فِي أَن الْوُجُود لَا يَقْتَضِي التَّرْتِيب فِي الْعلم كَمَا فِي صفة الْحَيَاة وَالْعلم فيلزمهم أَن يشكوا بعد هَذِه الْمُشَاهدَة فِي وجودهما وكل مَذْهَب يُؤَدِّي إِلَى هَذِه التمحلات والخصم مَعَ هَذَا يزْدَاد سفاهة ولجاجا فَالْوَاجِب على الْعَاقِل الفطن الاعراض عَنهُ والتمسك بقوله تَعَالَى {وَإِذا خاطبهم الجاهلون قَالُوا سَلاما} وَمن ذمّ من السّلف الْكَلَام والمتكلمين إِنَّمَا عنوا أَمْثَال هَؤُلَاءِ ظَاهرا وَالله الْمُوفق اه بِحُرُوفِهِ ذكره عَلامَة الْمُعْتَزلَة الشَّيْخ مُخْتَار بن مَحْمُود فِي كِتَابه الْمُجْتَبى عاضدا لَهُ ومنتصرا بِهِ فَهَذَا كَلَام الْمُتَكَلِّمين بَعضهم فِي بعض بل كَلَام الطَّائِفَة الْوَاحِدَة مِنْهُم بَعضهم فِي بعض وَفِيه الِاعْتِرَاف بذم الْبِدْعَة وَأَهْلهَا وصدور ذللك من السّلف الصَّالح فسبحان من أنطقهم بِالْحجَّةِ عَلَيْهِم كَمَا أنطق جُلُود الجاحدين يَوْم الْقِيَامَة بِمثل ذَلِك

وَلَا شكّ أَن إِيجَاب أَمر كَبِير يجب من أَجله التعسف فِي تَأْوِيل مَا لَا يُحْصى من آيَات كتاب الله وتقبيح ظواهره بل تقبيح ممادحه مثل الحكم بِأَن الرَّحْمَن اسْم ذمّ الله تَعَالَى فِي الظاهرالسابق إِلَى الافهام إِن لم يتَأَوَّل وان نَفْيه عَن الله مدح لَائِق بِجلَال الله من غير قرينَة وَالْقَوْل بتكفير من لم يعرف

<<  <   >  >>