للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مَعَ وَاحِد فَصَحِيح وَلَكِن لَا يسْتَلْزم أَن يكون الصَّوَاب فِي جَمِيع الْمَوَاضِع المتفرقة قد اجْتمع لبَعض الْفرق إِلَّا مَا حصل فِيهِ أحد الاجماعات القاطعة من الْأَئِمَّة والعترة فَيجب التَّرْجِيح لَهُ والنصرة فاستخرت الله تَعَالَى وقصدت احياء هَذِه السّنة الْميتَة الَّتِي هِيَ ترك العصبية

وَلذَلِك سميته إِيثَار الْحق على الْخلق جعله الله اسْما مُوَافقا لمسماه ولفظا مطابقا لمعناه وجدير أَن يكون فِيهِ مَا يسْتَدرك عَليّ فَإِن كل أسلوب ابتدئ لَا يكمل إِلَّا بمعاونة جمَاعَة وتتابعهم عَلَيْهِ وتكميل الْمُتَأَخر لما أهمل الْمُتَقَدّم وَلذَلِك كَانَت أَوَائِل كل علم وأسلوب قَليلَة أَو نَاقِصَة فليبسط الْعذر الْوَاقِف على مَا يسْتَدرك فِيهِ لما كَانَ أسلوبا غَرِيبا بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَذِه الازمنة الْمُتَأَخِّرَة

وَاعْلَم أَنه لَيْسَ بِصَرْف الاكثرين عَن هَذِه الطَّرِيقَة إِلَّا أحد أُمُور أَولهَا عدم الْحِرْص وَقُوَّة الدَّاعِي إِلَى هَذَا كَمَا تقدم مَبْسُوطا قَرِيبا فِي الْوَصْف الرَّابِع من صِفَات من تصنف لَهُم التصانيف وَثَانِيها الْخَوْف من شَرّ الأشرار مَعَ الترخيص فِي التقية باجماع الْأمة فقد أثنى الله على مُؤمن آل فِرْعَوْن مَعَ كتم إيمَانه وَسميت بِهِ سُورَة الْمُؤمن وَصَحَّ أَمر عمار بن يَاسر بذلك وَتَقْرِيره عَلَيْهِ وَنزلت فِيهِ {إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان} وَقد قيل من عرف الْخلق جدير أَن يتحامى وَلَكِن من عرف الْحق فعسير أَن يتعامى وَالَّذين آمنُوا أَشد حبا لله وَثَالِثهَا خوف الشذوذ من الجماهير والإنفراد من الْمَشَاهِير وَهَذَا يحْتَاج إِلَى نظر فَإِن كَانَ جُمْهُور السّلف القدماء مَعَ القَوْل الشاذ الْمُتَأَخر فَلَا يبالى بذلك الشذوذ فقد شهِدت الْأَخْبَار الجمة الصَّحِيحَة بِأَن الدّين سيعود غَرِيبا كَمَا بَدَأَ وَكَذَلِكَ كَانَ الْحق فِي أَوَاخِر أهل الْكتاب فِي شذوذ من الصَّالِحين كَمَا شهد بذلك حَدِيث سلمَان الْفَارِسِي حَتَّى قَالَت طَائِفَة إِن إِجْمَاع الْمُتَأَخِّرين لَيْسَ بِحجَّة وَإِنَّمَا الْحجَّة إِجْمَاع الصَّحَابَة لما ورد فِي الْأَحَادِيث من ذمّ أهل الْمُتَأَخر حَكَاهُ ابْن جرير الطَّبَرِيّ وَإِن كَانَت الشُّهْرَة لِلْقَوْلِ فِي الْمُتَأَخِّرين وَهُوَ لَا يعرف عَن أحد من السّلف أَو يذكر شذوذ عَن بَعضهم فهده عَن الْبدع وَإِيَّاهَا

<<  <   >  >>