للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ينقص من آثامهم وان على ابْن آدم اثم من قتل الى يَوْم الْقِيَامَة لانه أول من سنّ الْقَتْل بل قد أَشَارَ الْقُرْآن الْعَظِيم الى هَذَا الحَدِيث الْعَظِيم الى هَذَا حَيْثُ قَالَ تَعَالَى {من أجل ذَلِك كتبنَا على بني إِسْرَائِيل أَنه من قتل نفسا بِغَيْر نفس أَو فَسَاد فِي الأَرْض فَكَأَنَّمَا قتل النَّاس جَمِيعًا وَمن أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا} وَكَذَلِكَ لَا يُنَاقض هَذَا قَوْله تَعَالَى {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} لانه عُمُوم مَخْصُوص بالاجر على الآلام والاقتصاص من الظَّالِم وَيجوز أَن يفضل الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على من يَشَاء كَمَا قَالَ {ويزيدهم من فَضله} لَان فَضله لَيْسَ هُوَ مِمَّا هُوَ حق لَهُم حَتَّى يدْخل فِي قَوْله {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} فَهَذَا مَا فِي فدَاء الْمُسلمين بالكافرين من الْعدْل

وَأما مَا فِيهِ من الْحِكْمَة فَفِيهِ صدق وَعِيد العصاة من الْمُسلمين بذلك وَعدم الْخلف كَمَا أَشَارَ اليه قَوْله تَعَالَى {وفديناه بِذبح عَظِيم} فانه لَا معنى للْفِدَاء الا انه قد كَانَ لزم ذبحه بالامر لَان البداء لَا يجوز على الله سُبْحَانَهُ وَذبح الْفِدَاء يقوم مقَام ذبح الذَّبِيح عَلَيْهِ السَّلَام وَمِنْه فدَاء وَالِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمِائَة من الابل كَمَا هُوَ مَذْكُور فِي السِّيرَة النَّبَوِيَّة مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلَا يقبل مِنْهَا شَفَاعَة وَلَا يُؤْخَذ مِنْهَا عدل} أَي فديَة لَكِنَّهَا فِي الْكَافرين كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ فِي سُورَة الْحَدِيد فِي خطاب الْمُنَافِقين {فاليوم لَا يُؤْخَذ مِنْكُم فديَة وَلَا من الَّذين كفرُوا} وَفِي تخصيصهم بِالذكر اشارة الى الْقبُول من الْمُسلمين بمقتضي مَفْهُوم الصّفة والمسلمون أَيْضا باقون على الإصل فِي حسن ذَلِك كَمَا قرر فِي مَوْضِعه وَيَأْتِي مِنْهُ فِي هَذَا الْمُخْتَصر مَا فِيهِ كِفَايَة وَقد استوفيت مُطَابقَة ذَلِك لعمل الْحُكَمَاء والعقلاء من جَمِيع الْمُسلمين بل من جَمِيع النَّاس أَجْمَعِينَ فِي كتاب العواصم

وَمِمَّا جَاءَ فِي السّنة من حِكْمَة الله تَعَالَى فِي خلق الْكَافرين فِي الدُّنْيَا ونفع الْمُسلمين بهم مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث سَلمَة بن نفَيْل الْكِنْدِيّ قَالَ كنت

<<  <   >  >>