للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من ذكره وَبَيَان الْحجَّة على بُطْلَانه وعَلى ان الْمُخَالف فِيهِ أَخطَأ فِي الْعبارَة وَوَافَقَ فِي الْمَعْنى لَا قدرته تَعَالَى على تَغْيِير البنية هِيَ قدرته على اللطف بِعَينهَا فارتفع الْخلاف وَللَّه الْحَمد

الْخلاف الثَّانِي القَوْل بِنَفْي قدرته تَعَالَى على ذَلِك مُطلقًا ادَّعَاهُ بعض أهل الْعَصْر على أَصْحَاب أبي هَاشم المعتزلي وَلم ينصوا عَلَيْهِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي ان يصدق عَلَيْهِم حَتَّى ينصوا عَلَيْهِ لمُخَالفَته الْأَدِلَّة الجلية من الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول كَمَا أوضحته فِي العواصم وانما حمل هَذَا على دَعْوَاهُ مَا رأى فِي اعْتِرَاف الْمُعْتَزلَة بِخِلَافِهِ من لُزُوم مُوَافقَة أهل السّنة ففر من مُوَافقَة خصومه الى مَا هُوَ شَرّ مِنْهَا كالمستجير من الرمضاء بالنَّار

وَقد تمدح الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بانه لَو شَاءَ لجعل منا مَلَائِكَة وَقَالَ {إِنَّمَا أمره إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ كن فَيكون} وَقَالَ {كونُوا حِجَارَة أَو حديدا أَو خلقا مِمَّا يكبر فِي صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الَّذِي فطركم أول مرّة} وَقد علم من الدّين واجماع الْمُسلمين انه تَعَالَى قَادر على تَغْيِير صِفَات الْأَجْسَام مثل قلب خبث الْحَدِيد فضَّة أَو ذَهَبا وقلب الْبَهَائِم نَاسا وَالنَّاس بهائم مثل مَا خسف باليهود قردة بقوله لَهُم {كونُوا قردة خَاسِئِينَ} فَكَذَلِك لَو شَاءَ خلق من الاشقياء أَنْبيَاء وملائكة وَمَا السِّرّ فِي تَغْيِير شَيْء مِنْهُم الا تليين قساوة قُلُوبهم كَمَا أوضحته فِي العواصم فَليُرَاجع اذا احْتِيجَ الى ذَلِك

الْخلاف الثَّالِث خلاف من منع عُقُوبَة العصاة بالاضلال وَقد توهم كثير مِنْهُم أَن ذَلِك يُؤَدِّي الى الْجَبْر فيتأولونه بالخذلان وَلَا يعلم أَن الاضلال لَيْسَ من الْجَبْر فِي شَيْء انما هُوَ الخذلان وسلب الالطاف أَلا ترى أَن من هداه الله تَعَالَى فَلم يَقْهَرهُ وَلم يجْبرهُ على الْهدى فَكَذَلِك من أضلّهُ فَلم يَقْهَرهُ وَلم يجْبرهُ على الضلال انما هُوَ التَّيْسِير للعسرى عُقُوبَة كَمَا ان الْهدى هُوَ

<<  <   >  >>