للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قَالَ الشَّيْخ مُخْتَار المعتزلي فِي كِتَابه الْمُجْتَبى قَالَ صَاحب الْمُعْتَمد يَعْنِي أَبَا الْحُسَيْن أَن الجهم بن صَفْوَان ذهب إِلَى أَن الله تَعَالَى خَالق لأفعال الْعباد فيهم وَلَيْسوا محدثين لَهَا وَلَا مكتسبين لَهَا وَذهب النجار والاشعري إِلَى أَنه خَالِقهَا وهم يكسبونها وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَبهم وَبِه قَالَ أَكثر أهل السّنة فنفرد لكل طَائِفَة من الجبرية الخالقية والكسبية مَسْأَلَة على حِدة

وَالْحَاصِل أَن الْمُخَالفين كلهم قَالُوا بقدرة العَبْد لَكِن الفلاسفة زَعَمُوا أَن الْقُدْرَة هِيَ عِلّة الْفِعْل مَعَ الدَّاعِي والاسفرايني زعم أَنَّهَا جُزْء من عِلّة الْفِعْل الْمَوْجُود بالقدرتين والباقلاني زعم أَنَّهَا عِلّة الْكسْب والجهم زعم أَنَّهَا معنى لَا تَأْثِير لَهُ فِي الْفِعْل أصلا لكنه يُوجد مُتَعَلقا بِهِ اه وَفِيه تَحْقِيق بَالغ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه وَمثله ذكر ابْن بطال فِي شرح البُخَارِيّ فانه يُسَمِّي الجبرية جهمية ويخص الْجَهْمِية بالجبر وَيُوجه الردود اليهم خَاصَّة كَمَا هُوَ مَعْرُوف فِي شَرحه لأبواب الْقدر

وَقَالَ الرَّازِيّ فِي تَفْسِيره مفاتح الْغَيْب ان اثبات الاله يلجئ الى القَوْل بالجبر واسال الرُّسُل يلجئ الى القَوْل بِالْقدرِ بل هَهُنَا سر آخر وَهُوَ فَوق الْكل وَهُوَ أَنا لما رَجعْنَا الى الْفطْرَة السليمة وَالْعقل الأول وجدنَا مَا اسْتَوَى الْوُجُود والعدم بِالنِّسْبَةِ اليه لَا يتَرَجَّح أَحدهمَا الا بمرجح وَهَذَا يَقْتَضِي الْجَبْر ونجد أَيْضا تفرقه بديهية بَين الحركات الاختيارية والاضطرارية وجزما بديهيا بِحسن الْمَدْح والذم والامر وَالنَّهْي وَذَلِكَ يَقْتَضِي مَذْهَب الْمُعْتَزلَة فَكَانَ هَذِه الْمَسْأَلَة وَقعت فِي حيّز التَّعَارُض بِحَسب الْعُلُوم الضرورية وبحسب الْعُلُوم النظرية وبحسب تَعْظِيم الله تَعَالَى نظرا الى قدرته وبحسب تَعْظِيمه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نظرا الى حكمته وبحسب التَّوْحِيد والنبوة وبحسب الدَّلَائِل السمعية فَلهَذَا الَّذِي شرحناه والاسرار الَّتِي كشفنا حقائقها صعبت الْمَسْأَلَة وعظمت فنسأل الله الْعَظِيم أَن يوفقنا للحق

وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ فِي كِتَابه طوالع الْأَنْوَار وَقد ذكر احتجاج الْمُعْتَزلَة

<<  <   >  >>