الاسْتِغْفَار أَبُوء لَك بنعمتك على وأبوء بذنبي وَأجْمع أهل اللُّغَة والغريب أَن الْمَعْنى أقرّ واعترف بذنبي وَمن الْمحَال أَن يكون الْمَعْنى أقرّ واعترف أَنه لَيْسَ مني فان هَذَا مناقضة للاقرار وَالِاعْتِرَاف
وَمن زعم أَن المفر الْمُعْتَرف بالذنب هُوَ المتبرئ أَن يكون مِنْهُ أَلْبَتَّة لم يكن أَهلا للمناظرة أَلا ترى أَن المستغفرين إِذا قَالُوا اللَّهُمَّ اغْفِر لنا مَا كَانَ منا كَانَت عبارَة صَحِيحَة بالاجماع بل بِالضَّرُورَةِ وَلَو قَالُوا اللَّهُمَّ اغْفِر لنا مَا كَانَ مِنْك كَانَت عبارَة بَاطِلَة بالاجماع بل بِالضَّرُورَةِ بل قد صرح الْقُرْآن بذلك فِي الطَّاعَات الَّتِي تحسن اضافتها إِلَى الله تَعَالَى كَمَا يحسن مِنْهُ تَعَالَى أَن يتفضل بالهداية اليها قَالَ الله تَعَالَى حِكَايَة عَن الْخَلِيل والذبيح عَلَيْهَا السَّلَام {رَبنَا تقبل منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم} وَلم يقل رَبنَا تقبل مِنْك وأمثال هَذَا كثير فَكيف باضافة الْفَوَاحِش والمخازي إِلَى السبوح القدوس بِهَذِهِ الْعبارَة جلّ وَعز وتبارك وَتَعَالَى عَن ذَلِك وتقدست أسماؤه الْحسنى وَله الْمثل الْأَعْلَى
وَقد تتبعت الْقُرْآن وَالسّنة النَّبَوِيَّة والْآثَار الصحابية فَلم أجد لما أَدْعُوهُ فِي ذَلِك أصلا بل وجدت النُّصُوص فِي جَمِيع هَذِه الاصول رادة لهَذِهِ الْبِدْعَة فَمن الْقُرْآن قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا أحس عِيسَى مِنْهُم الْكفْر} {فَمن خَافَ من موص جنفا أَو إِثْمًا} {فويل للَّذين يَكْتُبُونَ الْكتاب بِأَيْدِيهِم ثمَّ يَقُولُونَ هَذَا من عِنْد الله} {وَيَقُولُونَ هُوَ من عِنْد الله وَمَا هُوَ من عِنْد الله} {قل هُوَ من عِنْد أَنفسكُم} {وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك} وَأما قَوْله تَعَالَى قبلهَا {قل كل من عِنْد الله} فَلِأَن المُرَاد بِالسَّيِّئَةِ عُقُوبَة الذَّنب وبالحسنة المثوبة على الْحَسَنَة وَلذَلِك قَالَ {مَا أَصَابَك} وَلم يقل مَا اصبت وَلكنهَا تُضَاف إِلَى العَبْد اضافة الْمُسَبّب إِلَى فَاعل السَّبَب كَقَوْل أَيُّوب {أَنِّي مسني الشَّيْطَان بِنصب وَعَذَاب} لما كَانَ عُقُوبَة على ذَنبه وَقَوله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute