للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بل من كل وَجه إِلَّا مَا اقتضته الْحِكْمَة من خلق المختارين لَهُ واقدارهم عَلَيْهِ وَتَقْدِير وُقُوعه مِنْهُم للحكمة الْبَالِغَة وَالْحجّة الدامغة

وَفِي الْقُرْآن الْكثير مِمَّا يقوم مقَام هَذَا لَكِن بِغَيْر لفظ من كَقَوْلِه تَعَالَى {فَإِنَّهُ فسوق بكم} {وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا} وَقد ذكرت فِي العواصم من ذَلِك خَمْسَة وَعشْرين نوعا وَذكرت هُنَاكَ من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الشهيرة قدر خَمْسَة عشر حَدِيثا ونسبتها إِلَى رواتها من الصَّحَابَة وَمن خرجها من الْأَئِمَّة مثل حَدِيث التثاؤب من الشَّيْطَان وَحَدِيث إِن تقليب الْحَصَى وَقت الْخطْبَة فِي الْجُمُعَة من الشَّيْطَان وَحَدِيث إِن تفرقكم فِي الشعاب والأودية إِنَّمَا ذَلِكُم من الشَّيْطَان وَحَدِيث الاناة من الله والعجلة من الشَّيْطَان وَحَدِيث كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة وَإِنَّمَا أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ ويمجسانه وَحَدِيث الرُّؤْيَا الصَّالِحَة من الله تَعَالَى والحلم من الشَّيْطَان رَوَاهُ الْجَمَاعَة عَن أبي قَتَادَة وَلمُسلم مثله بل أبين عَن أبي هُرَيْرَة وروى البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ مثل ذَلِك عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَقَالَ إِنَّمَا هِيَ من الشَّيْطَان بالحصر وَخرج ابْن ماجة وَابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد مثل حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن عَوْف بن مَالك وَكلهَا مَرْفُوعَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا تَوَاتَرَتْ النُّصُوص فِي الرُّؤْيَا أَكثر من غَيرهَا لِأَن الْأَمر يشْتَبه فِيهَا هَل هِيَ من الله تَعَالَى أَو من الشَّيْطَان وَلَا يتَمَيَّز إِلَّا بِالنَّصِّ وَأما الْفَوَاحِش والقبائح الصادرة من المنهيين عَنْهَا المذمومين عَلَيْهَا فَلم يشْتَبه الامر فِي ذَلِك حَتَّى يرْتَفع الِاشْتِبَاه فِيهِ بالنصوص وَلَو وَقع فِي ذَلِك غلط فِي ذَلِك الْعَصْر لتواترت النُّصُوص فِي الرَّد على صَاحبه

وَإِنَّمَا أوضحت رُوَاة أَحَادِيث الرُّؤْيَا وَحدهَا كَيْلا يتَوَهَّم أَنه حَدِيث وَاحِد وَمن ذَلِك حَدِيث الْمُسْتَحَاضَة وَقَوله فِيهِ إِنَّمَا ذَلِك ركضة من الشَّيْطَان قَالَ ابْن الْأَثِير فِي نهايته وَالْمعْنَى أَن الشَّيْطَان قد وجد سَبِيلا إِلَى التلبيس عَلَيْهَا فِي أَمر دينهَا ذكره فِي خرف الرَّاء مَعَ الْكَاف وَعِنْدِي فِيمَا قَالَه نظر لِأَنَّهُ لَو أَرَادَ ذَلِك لقَالَ إِنَّمَا ذَلِك من الشَّيْطَان وَلم يذكر أَنه ركضة من وَلَا مَانع من تَمْكِينه من ركضته بعض الْعُرُوق حَتَّى تَنْقَطِع ليلبس بذلك عَلَيْهَا أَمر دينهَا

<<  <   >  >>